في محاولة فاشلة للنوم ..
أشعر بألم في عيني .. ضوء المصباح صار يزعجني .. أحاول التركيز فلا أنجح .. أتذكرني أكتب "لأني أتقن فن الهروب .. " ولا أذكر بقية ما كتبت .. فأقرر أن أهرب من ضغط اللحظة والقلق الذي بدأ يتسلل إليّ بقرار مصيري .. في محاولة فاشلة للنوم .. أتصل بصديقتي لتوقظني لأني لا أثق بنفسي .. أغلق الخط .. أحاول أن أتنفس بعمق لتقليل حدة التوتر كما تقول قواعد اليوغا .. أجد حاجزاً يقف في المنتصف .. يمنعني من استكمال شهيقي إلى نهايته .. أشعر أني أختنق .. أهدئ من روعي .. هي أزمة نفسية ستمر عما قريب .. "لا داعي للقلق أو لأي مواد كيميائية" هكذا أخبرت والدتي في محاولة أخرى للهروب من فكرة أني أحتاج إلى دواء .. أستلقى على الكنبة الخارجية كي لا أصل إلى الراحة التامة وأغرق في النوم فأجد صعوبة في الإستيقاظ .. أغمض عيني .. يعم السواد .. ويبدأ الكارنفال.
أكرهها .. لا .. لا أكرهها .. مللت من التفكير في ذلك الأمر .. أين أقزامي الصغيرة؟ .. لا أحد هنا سوى السكون والظلمة وأنفاسي المبتورة .. حسناً لنبدأ في عد الخراف .. رغم أنها فكرة أزلية قديمة لكنها لا تنجح معي .. لكن لا مانع من المحاولة .. واحد .. اثنان .. ثلاثة .. أربعة .. أين وضعت نظارتي؟ .. اللعنة عليّ أن أتذكر كي لا أمضي نصف الوقت بحثاُ عنها .. لم أعجز عن النوم؟ .. لا ليس الآن .. ضحى نامي .. نامي .. نامي .. أين أقزامي؟ .. أين أغنيتي العذبة التي تساعدني على عبور حائظ الأحلام بخفة؟ أين أضوائي البنفسجية المريحة للأعصاب؟ .. سأبتعد .. الآن قبل أن تتعقد الأمور أكثر .. لا حل آخر .. تباً .. لم لا يتوقف ذلك الدوار برأسي .. كم بقي من الوقت ؟ .. ليس الكثير .. لا فائدة .. هي .. كانت أياماً سعيدة .. أين هي الآن؟ .. أتمنى أن تكون بخير .. كم الساعة؟ .. اللعنة .. تجاوزت الثانية .. عليّ أن أغرق في النوم الآن .. الراحة أرجوكم .. أين وقفت في عد الخراف؟ .. اها نعم .. خمسة .. ستة .. سبعـة .. سـبــعـ .. !
تبدأ صورتك تظهر أمامي .. أنسى ما كنت أفعل ويشرد عقلي في مكانٍ آخر .. حيث أرى ما أريد .. تلك المنطقة المجهولة من عقلي التي ترسم كما تهوى .. فترى الناس كما تعرف عن نفسها لا كما تعرف عنهم .. وتراك كما تحب أن تراك ليس كما تكون حقيقتك .. تراك هادئاً .. مبتسماً .. تشعر بي .. تتألم لألمي وتحزن .. أصفع خيالاتي بقوة لأردني إلى السكون والظلمة وأنفاسي المبتورة .. أفتح عيني فأرى حقيقتي وحقيقتك .. لم تهتم .. وستظل لن مقترنة بلم إلى الأبد .. أجدني أنحني على نفسي .. أحاول أن أغلق تلك الفجوة التي ظهرت فجأة .. أخفي وجهي وأحتضن نفسي فأبدأ بالبكاء .. بلا سبب واضح .. أنا قلقة .. وحيدة .. لا أسمع سوى صوت عقلي الشارد الذي يخرج أفكاراً مشوهة .. أسئلتي التي لا أجد لها إجابة مقنعة سوى " أهو غلاسة كده ! "
أردتني أن ألون حياتي .. وها أنا ذا قد رفضت ألوانك لأنها قاسية وباردة .. وملأت حياتي بألواني .. ألوان غضب وحسرة لا تنتهي .. أعرف أني مخادعة .. أزهو بقدرتي على المضي قدماً رغم الوجع .. ألوم نفسي وأتجنب إلقاء اللوم على أحد .. أنظر إلى الأمور بإيجابية مزيفة .. لا أسخط على القدر لأنه بيحصلنا .. أبتسم وأضحك وأبدأ من جديد .. أحاول جاهدة إخفاء ذلك الضعف الذي يسكنني في لحظاتٍ كتلك التي تجتاحني بين الحين والآخر .. أحاول جاهدة ألا أبكي لأن الخذلان كان من نصيبي للمرة الثانية .. أو ربما الثالثة .. أو الرابعة .. كلعبة عد الخراف التي لا تقف سوى حين تغرق في النوم .. لن يقف الخذلان إلا حين تغرق في مكان آخر .. مكان بلا ملامح .. لن تعرف فيه سوى نفسك الشريدة ولن تلمس فيه سوى جبال الثلج التي وضعتها القسوة بداخلك .. ولن تثق فيه بأحد.
لم يكن ما حدث سوى تهدم المعنى .. فقدان الأمل .. الصدام مع حقيقة واحدة .. بأن وجود الصدق أمر نادر .. لن تصادفه في عمرك إلا إن رضي عنك ربك والقدر .. خيبتي ليست على قلب سُلب ما فيه برضاي .. لكن على فقدان تلك الأسباب التي أعانته يوماً على الحياة .. لتستحيل الآن نفس الأسباب التي قد تودي بحياته .. أقسو على نفسي كي أعلمها كيف تعيش بلا وجع .. فأتحطم في كل مرة ظننت فيها خطئاً أني أمد نفسي بالقوة .. أنفذ القاعدة " أقسو كي لا يكسرني حناني " .. وأغفل أنني بالفعل مكسورة .. ولأنني غبية معاندة أرفض الحنان .. لا من الناس ولا من نفسي .. عليّ أن أتقن فن العزلة .. عليّ أن أصير كما أريد .. فولاذية .. غير قابلة للخدش .. بلا مساعدة من أحد.
.
.
.
لم أبكِ كثيراً .. سرعان ما عدت إلى حالة الإنكار .. أنا بخير .. لا شئ على الإطلاق .. الأيام القليلة الباقية عليها أن تمر دون ضغط .. لنغلق ذلك الباب إلى حين .. إلى أن أجد علاجاً لضعفي المستور وخدوشي التي تملأني .. وأخيراً .. لأنفاسي المبتورة.
بعيدا عن المقدمات السخيفه والكلمات المصطنعه ... أنتى خارقه للطبيعه
ردحذفوبعيداً عن الردود التقليدية من شكراً وخلافه :) .. ربنا يخليك.
حذف