2013-01-23

من هو ذلك اللوح الذي يريد أن يحشرني بالعافية في زمرة العقلاء ؟*



لأنه يحبها 
يصعد
كل ليلة
على سلالم العتمة
بقدمين حافيتين
خشية أن يدنس السماء بحذاء
لا ينزل
إلا والقمر في يده
رغيفاً يفتته
على شكل كواكب ونجوم صغيرة
دون أن يهدر حبة قمح واحدة

بالتساوي
بالعدل الذي لا تعرفه سوى أصابع عاشق
يوزع كعكاته الدافئة 
على أطفال الشوارع
على شبابيك النائمين دون عشاء أو أمل
على الكلاب والقطط الضالة أيضاً

فقط
لأنه يحبها.

قصيدة صغيرة لسوزان تتردد بداخلي منذ فترة .. تثير بداخلى التساؤلات عن جدوى الأحلام .. عن دوافع الأمل .. عن عدد من يصعدون كل ليلة إلى السماء ولا يكترثون لما تتركه أحذيتهم من أثر .. عن كلمة "فقط" .. تلك التي تكفي لتبرر كلّ شئ بثلاث حروفٍ .. عن طعم تلك الكعكات الدافئة .. و عن امكانية وجود عاشق بذلك الوصف .. يهتم لأجل حبيبته 'فقط' بالعالم.

لا أحد يعرف الطريق إلى نيفرلاند .. مملكتي التي لا تكبر أبداً .. تلك التي أخبئ فيها كعكاتي الدافئة وألقي فيها بما بقى لي من رفات العالم .. لتخرج لي تلك المملكة من الزهور والقبلات ما يكفي لأعيش العمر كله دون قلق.
لم يسمع أحد قصصي بعد .. تلك التي لم تكن تريد أن تُروى لأحد سواك .. تلك التي احتفظت بها في أوراقي حتى ملّت انتظارك .. وحُكم عليها بالإقصاء قهراً في ملف الذكريات.

سوزان تصنع لأحبائها كواكب ونجوم صغيرة .. تعطيها لمعطوبي الأحلام و العاجزين عن النوم بانتظار حكاية .. حكايةً واحدة تبدد لهم تلك الظلمة التي تسكن قلوبهم الوحيدة .. وتعطيهم ما يكفي من الدفء ليصعدوا على سلالم العتمة ليبحثوا عن كلمة "فقط" .. تلك التي تختصر الحب كله لأجل ذات واحدة.

أدرك الحقيقة .. بأن كل ما سبق خيال جميل لكنه واهم .. فلا أحد يصعد إلى السماء .. ولا يمكن أن يكون القمر في لحظة قمحاً يصلح لصناعة الحلوى .. لا شئ سوى حلم بلا فقط .. بلا اختصار للحب وبلا استئناء .. حكاياتي لن يسمعها أحد .. لأنها لن تريحهم بقدر ما ستؤلمني .. لن تكون تلك القصيدة سوى بضع كلمات أرددها في لحظة ما بين النوم واليقظة .. بين التمنى وتقبل الواقع على مضض .. أعرف أن أمير سوزان وهمي .. فلا وجود لذلك الصدق .. ربما لأنه لم يعد هناك عاشق يصنع كعكاتٍ دافئة ليوزعها .. هم يكتفون فقط بأكلها وحدهم في الخفاء .. أو ربما .. لأن الزيف صار يفترس كل ما يقابله من صدق حتى اختبأ الصدق وراء انحناء بعض الكلمات .. في بعض الكتب التي لا يقرؤها سوى الحمقى الرافضين الحقيقة .. الممتنعين عن الإدراك.

لأني أعرف أن هؤلاء الحمقى وحدهم هم من يعيشون طويلاً .. هم من يجدون بين انحناءات الحياة ما يدعو للإبتسام .. قررت أن أتجاهل الحقائق وأرفض الواقع البغيض .. فأنا في النهاية كجميع الحمقى أرسل إلى نيفرلاند نوتة عذبة كل ليلة لأتمنى لكل قاطنيها أحلاماً سعيدة .. وأنتظر أميراً وهمياً يعرف كيف يصنع بابتسامة واحدة مدينة من القبل والنجوم.

لأن سوزان كانت تؤمن بضرورة وجود تلك الـ "فقط" السحرية.

.
.
.

من أحب إنساناً
أحب الناس جميعاً.


*العنوان لمحمد عفيفي. ترانيم في ظل تمارا

هناك تعليقان (2):

  1. حاسة انك بتتريقي ، فحاسة اني عاوزة اضحك وف نفس الوقت بتمسك بنيفرلاند والفارس اللي مش موجود ده :D

    حلو اوي البتاع ده :D

    ردحذف
    الردود
    1. خلينا متمسكين بيهم .. ملناش في الواقع البغيض ده غيرهم أصلاً. :)

      حذف

:)

This title was intentionally left blank.

صديقي الأزرق الصغير، ألم تتلاشى بعد؟ أخبرني كيف كان نهارُك بعد تلك الليلة المضنية؟ ألا تزال ترفع عينيك إلى السماء و تصرخ بغضب؟ أعرف....