2013-02-02

سياسة الملل.



هل جربت من قبل أن تتحدث إلى نوتة موسيقية لسيمفونية عازف بارع؟

هو هروب آخر من الأحداث ، من صوت التلفاز يعد الإصابات والشهداء ، من ضجيج الخلافات والنزاعات ، من كل الكلمات الصدئة التي اعتادت عليها الآذان ، من كل النحيب والبكاء .. سمه هروباً من الحياة ان شئت .. فأنا لا أهتم على كل حال.

تلك السياسة الرمادية أمقتها .. وجوه ملوّنة بالأصباغ لتخفي حقيقة التشوه في المصالح والأطماع فتخدع الجميع .. حتى صاحب الوجه الملوّن نفسه يعتاد وجهه حين ينظر في المرآة ثم يصدقه كالأحمق .. لا شئ واضح سوى نحيب أم ثكلى وصرخة ظلم لم يسمعها سوى الخالق وبعض من خلقه .. الأفواه المتشدقة بكلمات مزخرفة .. الأمل منتهي الصلاحية الذي باعونا إياه .. كل تلك الوعود ومقابلها من الدماء .. هرمنا من كثرة اتباع الجنازات .. من تكرار الدعاء بالرحمة لاسم مختلف كل مرة .. ومن الصمت الذي يلف كلماتنا الباهتة حين تخرج منا رغماً عنها .. حين تخرج عاجزة .. فاقدة الحيلة.

لم يبقَ في هذه البلاد سوى الفقراء والمتعبون .. المشردون في دروب الحياة والقلق .. والباحثين عن لقمة لسد الجوع ودرء اليأس .. أمام الكثير الكثير من الأغبياء.

حين يحزن الوطن يتلاشى أمامه أي حزن آخر.

يأتي الشتاء هذه المرة متأخراً على غير العادة .. صاخباً.
تنهمل قطرات المطر بينما تستمر الأرواح في الصعود إلى السماء .. وكأن الله يعيد إلى الأرض ما أخد من حياة لكن في صورة أخرى .. بطريقة مختلفة لن نفهمها نحن أبداً ..

---
هي سخرية القدر ..
أن تكتب تلك الكلمات منذ أكثر من شهرٍ تقريباً إثر حادثٍ مأساويٍ آخر يقتلع قلوب الجميع .. 
ثم تتركها لحين .. أملاً في ضوء ما يخرج من نهاية النفق .. أملاً في أن يخيب ظن أمل دنقل في أن نحلم بعالم سعيد .. وبأن خلف كل قيصرٍ يموت يأتي عادلُ جديد .. وبألا يموت ثائر آخر يترك وراءه أحزاناً بلا جدوى .. ودموعاً تذهب سُدى.

وهاهي المشاهد تتكرر .. بتفاصيل جديدة .. بنفس الوجوه المقيته .. لكنها بمقدارٍ أكبر من الخيبة و الألم .. وبجرعة زائدة من الملل.

لم يبقَ سوى بعض العزاء نقدمه لأنفسنا بعد كل نشرة مطوّلة للأخبار .. بإنصات زائف نعطيه لمتحدثٍ باسم جريمة المسئول .. أو النظر بلامبالاة إلى من يتحاورون في أزمة لم يطلهم منها أذي .. ودعاء بالتصبر لكل من أصابته نقاشات الساسة الفارغة بأذى .. لم يبق سوى انتظار على مضض لبطل وهميّ ينقذنا من الورطة .. وإيمانٌ قلق .. يثق بأن الله بعباده لطيف خبير .. ولا يثق بأن خلق الله يدركون حقيقة أن الله قويٌّ عزيز.

.
.
.

ثم دارت اللمونة ..

هناك 4 تعليقات:

  1. Apart from the sad nature of the topic but your way in writing is like 100 times better than 3 months ago ..way to go :D

    ردحذف
  2. حين يحزن الوطن يتلاشى أمامه أي حزن آخر .. فعلا :(

    ردحذف
  3. "وهاهي المشاهد تتكرر .. بتفاصيل جديدة .. بنفس الوجوه المقيته .. لكنها بمقدارٍ أكبر من الخيبة و الألم .. وبجرعة زائدة من الملل."
    الجملة عبقرية.

    ردحذف

:)

This title was intentionally left blank.

صديقي الأزرق الصغير، ألم تتلاشى بعد؟ أخبرني كيف كان نهارُك بعد تلك الليلة المضنية؟ ألا تزال ترفع عينيك إلى السماء و تصرخ بغضب؟ أعرف....