2013-03-07

لحيته البيضاء هلال سكران .. يترنح في ظلام الغرفة..*


*Graphylight old man by 

يكفيك فقط لتكتشف أنك وحيد مُهمل .. أن تبحث بين مواقع توصالك مع البشر عن إشعار واحد .. لشخص ما يخبرك بأنه في مكان ما بقربك .. ولا يزال يذكرك!

هل اختبر أحدكم بحق شعور الجنون؟ أن تلقي بالمنطق عرض الحائط وتندفع لاهثاً خلف مشاعرك .. تماماً كما يخبرنا الأدباء حين يتحدثون عن الحب والعشق والشوق وكل تلك الكلمات التي كانت تشترك جميعها في صفة الجنون .. وصارت حديثاً تشترك أيضاً في صفة المستحيلات؟

هل أخبرتك قبلاً كم كنت سعيدة حين وضعت مجموعة الأوراق تلك أمامك؟ كم كنت أنتظر تلك اللحظة وأعيدها ألف مرة وأنا ألفها بشريط سماوي ليتناسب مع طبعك الهادئ؟.. كم كانت تلك اللحظات التي سرقتها من الزمن ومن الأعين المترقبة أكثر اللحظات جموحاً وجنونا؟ .. هل أخبرتك أني خفت يومها أن يقفز قلبي أو يتوقف بسكتة قلبيه لشدة ما كان يخفق من القلق والترقب .. والسعادة؟

بالطبع لم أخبرك .. تماماً كما لم أخبرك بما حدث حين رأيتك أول مرة .. تماماً ككل تلك الذكريات التي ادخرتها بعناية ليومٍ ما .. يوم صار هو الآخر حلماً مهمل في خزانة سرية في القلب .. ألقي فيها بأشياء الغياب وأشلاء الذكريات..
ربما يكون هذا هو مصدر الألم . لو كنت أفرغت ما في جعبتي مرة واحدة .. كل أحلامي التي رسمتها لأجلك .. كل ذكرياتك التي صنعتها بنفسك .. كل تلك اللحظات التي لم أقبل أن أعيشها بدونك .. كل شئ يخصك .. ربما لأني لا زلت ممتلئة .. ليس بك بالضرورة .. لكن بشئ ما لا يزال يحمل عطرك.. أو أنفاسك.

تخبرني أحلام بأننا لا نغفر بسهولة لمن يجعلوننا نشعر بسعادة عابرة كم كنا تعساء قبلهم .. ولا تخبرني كيف غفرنا لهم بسهولة مرورهم العابر .. بينما وجودهم لا يزال يؤذينا..

حين كنت أقرؤه .. لم أفكر سوى في أمرٍ واحد .. لا أريد أن أنتهي عجوزاً وحيدةً أنا أيضاً .. ككل هؤلاء العجائز الذين تحدث عنهم .. كل أولئك المعطوبين .. فاقدي الأمل..

عليك ألا تثق أبداً في السكون .. أو الليالي الباردة .. فكلاهما يكره الوحدة ويصر دائماً على استحضار الذكريات..!



منذ أن مات آخر أصدقائه 
وهو يختبئ 
في دولاب الملابس.

غفا قليلاً
ذات مساء
ولما استيقظ
ظن أنه بداخل نعش
فمزق كفنه
وفرّ هارباً.

الجيران
، بعد أن أمسكوا به ،
كانوا يقسمون له أنه ليس ميتاً
وهو يبكي ولا يصدقهم
لأنهم كانوا يحاولون 
أن يلفوا جسده العاري
بملاءة بيضاء.

منذ يومين
كان جالساً يحدق في الشمس
أمام البيت
ثم قفز فجأة
وأمسك بالظل
كي لا يسحب يوماً جديداً 
من عمره

ولأن النهار لم يكن يمر
تجمع عمال البناء
وخلصوه منه بالقوة
بعد أن تمزقت أيديهم
من كثرةِ العمل.

يفعل الآن أشياء مجنونة 
ليوهم نفسه أنه لا يزال شاباً
لحقوه في آخر لحظة
وهو يخلع جلبابه
ليلبس قميصاً مشجراً
على اللحم.

كما أنه يفتح غرفة النوم فجأة
ويقول لزوجته: 
"تتجملين لمن يا امرأة؟"
ثم يكسر مرآة التسريحة بعكازه.

هي
هي الآخرى تداري ابتسامة
،بخجل فتاة،
عن فمٍ بلا أي أسنان.

*العنوان والقصيدة من كتاب 'عجوز تؤلمه الضحكات'

هناك تعليقان (2):

  1. http://www.youtube.com/watch?v=LUxGgUICoFw

    ردحذف
  2. ربما لأنك تتحدثين عن حقيقة ما يحدث في حياتي بإجادة تامة وأسلوب رائع جاءت كلماتك موجعة وأسالت دمعي رغما عني !!

    ردحذف

:)

This title was intentionally left blank.

صديقي الأزرق الصغير، ألم تتلاشى بعد؟ أخبرني كيف كان نهارُك بعد تلك الليلة المضنية؟ ألا تزال ترفع عينيك إلى السماء و تصرخ بغضب؟ أعرف....