عادت، لتعطيهُ سبباً آخر ليكره وجوده، حين يرى أملاً يقتله بإرادته، ويحمل فوق عاتقهِ ذنباً يكفر عنه كل ليلةٍ دموعاً ودعاءاً، هو الذي لم يثقله ذنبٌ قط.
لم تحضر معها الفرح حينما عادت، هي فقط ذكرّته بكل الندوب التي تركها في قلوبِ غيرها، حين كانت ندبتها الأبديةُ في قلبه الصغير لا تزال تحترق.
لكن درويش كان قد بدأ في غزلِ قصيدةٍ جديدة، عندما عادت هي، متأخرة.
الخوف.
هو ما يبقيني متيقظة طوال الليل، أرقب الباب في حذر، بانتظار شئ سئ لا أعرفه.
هو نفسه ما يدفعني لإغماض عيني عن حلم جميل أمامي، حتى لا أصاب بنوبةِ أملٍ فأسارع في لمسه، فيتلاشى.
هو نفسه ما يدفعني للهرب من الجميع، ظناً مني أني أهرب منه هو.
الخوف نفسه، هو ما يميتني سراً كل يوم، بينما لا أزال أحاول جاهدةً أن تكون حياتي أكثر من مجرد محاولة بائسةٍ للتنفس.
أيمكنك أن تصون سراً؟ أنا خائفة، لكن الجديد هو أني أمتلك الآن بعض الأمل، وثقة كبيرة بالله.
لم أشعر بالتهديدِ قبلاً، لكنّه يحيطُ بي الآن من كل جانب، حين يصرّون على إخباري بأنك تُشبهني حد الخطر، على الرغم أني لا أمتلك ملامحك، لكنّ الضوء المتسلل من دواخلنا يبدو واحداً، قالت لي أمس أنك تسرقُ بعضاً من روحي، بعضَ الأُلفة المحببة أيضاً، أطلت النظر إلى قلبك الأخضر متسائلة عن مكان النور، ووجدتُه.
ومنذُ ذلك الحين، أكرهُك.
أتعرف كيف تصنع كعكاتٍ ملونة؟ يكفيك ضمةٌ واحدة من أمك، وكوب من الحليب الممزوج بدعواتها الصادقة، والكثير من الحب، ستصنع ما يكفي وأكثر لنشر البهجة على العالم لمدةٍ سنة كاملة، وستجد ما يكفي من الموسيقى بداخلك ليخرج من أوجاع قلبك زهوراً برية، أما عن الكُتب الدافئة، فستجد فيها شاعراً صنع من جدائِل شعر حبيبته حُريّة. تعلّم منه صناعة الحلوى.
أما عن السكينة؛ فهي مناجاة، اختلاء بالحبيب، وهمسٌ يصل إلى عنان السماء.
الآن..
صار الحُلم أكثر وضوحاً..
هو، بظلِه الثابت وابتسامتِهِ المنسية، وأنا ممسكة بذراعِهِ كطفلةٍ تخاف الضياع وسط الزحام.
هو، غارقٌ في اللحن، وأنا منصتةٌ إلى دقاتِ قلبِهِ، أضبُطُ الإيقاع.
أيُمكن للقدرِ أن يعطينا فرصة لنكمل الرقصة؟
.
.
.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
:)