كل ما هو آتٍ محضُ هري. وجب التنبيه!
"مسكين اللي شمسوا بتغيب، ياللي بيخاف هبوب الريح.."
آه، لو كان العالم كلّه يعمل بضغطةِ زر، سأصير ملكة، أُحمل رغماً عن الجميع على كُفوفِ الراحة، كنت سأوقف الضجيج حولي اليوم للحظة حين كنتُ على وشكِ البكاء، ثم استكملت سماعه والاستمتاع بالفوضى كما يفعل باقي القطيع، كنت قتلت من كان يشغل الكرسي بجانبي، قتلة شنيعة، بلا رحمة، ولتمكنت من غلق فمك تلقائياً حين يفقد الكلام معناه ولا يبقى سوى المعنى المستقر في العيون، ولتمكنت حتماً من استباق الوقت لأعرف إن كنت سأخرج سالمةً من كل ما يحدث لي أم لا، وبلا شك لأغلقت ذلك الراديو المزعج بجانبي دون الحاجة إلى الخروج من تحت البطانية العزيزة الدافئة. آه، لو كان العالم كلّه يعمل، بضغطة زِر.
توقفت عن الكتابة للمساكين، لسبب لا أعرفه، هكذا أنا، أفعل شئ ما بحماسة في البداية، ثم أفقد الإهتمام، وأهمله، فيهملني، وأعود أشكو الفراغ ويلتف حولي الحزن غير المبرر، أتظنون أني على حافة الـ psychosis؟ صدقوني حين دار ذلك السؤال بعقلي رددت بصوتٍ عالٍ كأني أتحدث إلى شخص موجود بالغرفة قائلة "you're already psychotic my dear"
سأنقذ حياتك؟ هل تصدق ذلك حقاً؟ من منا بحاجةٍ إلى الإنقاذ يا عزيزي؟
التفاصيل الصغيرة، يدها البيضاء الممتلئة، أصابعها المنمقة، وخاتمها الضخم يزين سبابتها، تهتز يدها مع الإيقاع في تناغم، كأنها تعزف على آلةٍ خفية، أمعنت النظر، فإذا هي في عالمٍ غير العالم، عالم يصنع من الموسيقى حلوى تذوب في الروح كما السكر، أما هو، فكانت هالة الضوء المتكونة فوق رأسه -لجزء من الثانية- بسبب فلاش الكاميرا من وراءه، تجعله يبدو كالملائكة، وهو يصدر نغماتٍ كتلك، إثر احتكاك عصاً بوَتر، ليثبت للجميع أن الأشياء البسيطة هي ما تصنع الجمال، لكننا نغفل، أو لا نكترث على كل حال.
أكره أن أعترف أني أنا من أهبط بثقلي إلى الأسفل، فأفضل فكرة أن الأرض تُحب الإلتصاق بأقدامنا أكثر، لأن أقدامنا تبدو مضحكة أحياناً.
أشبه أمي كثيراً، على الرغم من ذلك، صرت أقلق مؤخراً لأني أعرف أني حين أصير عجوزاً لن يمنح شعري الأبيض القصير نوراً لوجهي مثلما يفعل معها، كما أني لن أكون بمثل تلك الخفة، فعلى الرغم من أنها تكبرني بنصف قرن أو أكثر، لكن داخلي يشيخ بسرعة، وهي تعرف ذلك، تعرف ذلك ولا تمتلك إلا أن تدوايه بالقبل و التدليل، علّي أعود طفلةً تلهو عند قدميها، وتضحك.
سأعطيك نصيحة، إذا وجدت فتاةً لا تتجمل، ولا تكذب، حتى في لونِ شفتيها، ولا تخضع بالقول كي يخضع لها قلبك، اقترب منها، وإن وجدت منها خيالاً يُعين على الحكي لساعات لأحفادك، وروحاً تعين على استكمال المسير، فدقق النظر في عينيها، فإن رأيت فيها حياتك بكاملها، فلا تتراجع حينها، أبداً.
يوماً ما سأصير دُباً أليفا، يأكل العسل نهاراً، ثم يكمل ما بقي له من الوقت في نوم مُريح، يقف على قدمين حين يصير مبتهجاً ويرقص، ويقف بنفس القدمين على وجه من يزعجه، يوماً ما سأصير دُباً وسأنظر إليكم جميعاً في شفقة، ثم أعطيكم ظهري وأمضي، بعيداً بعيداً.
مش هتسيبني لوحدي كتير صح؟.. هتحبني طيب؟ أوى أوى؟ طيب.