2014-03-26

وابتهِل..



’ما في الوجودِ سواكَ ربٌ يُعبد‘

أتعرف، حين أبكي وأسألك "لماذا؟" في يأس، أكون قد تجاوزت حدود إيماني إلى منطقةٍ رماديةٍ من الألم والتيه، أقف باكية شاكية لا أعرف طريقاً لرحمتك سوى بالسؤال، سوى بالتذمر، تستمع إلى بكائي وترى بعينيك قلبي المتصدع جزعاً، يصلُك دعائي المتوسِّل، تشعر باهتزاز جسدي، تنتظر بحكمة حتى يزول كل شئ، ويختفي، تنتظر عودتي إلى رحاب عطفك راضية بقضاءك متيقنةً من حكمتك، تسمع صوتي مرّة أخرى، هادءاً، ثابتاً، يسألك غفراناً عن ذنب الجذع، وطلباً صغيراً بمنح القوة لمواجه القنوط، وفي محاولةٍ لريّ القلبِ بما يُعيد إليهِ الحياة، أسجد، وأقرأ، وأعود..
أتعرف، أحياناً أتساءل ما الخطأ؟ أين بالتحديد فقدت القدرة على تمييز الطريق إليك، متى توقفتُ عن الإمتنان للُطفِك، ثم أنتبه لصوتِ المُبتهل وهو يترنم "وكم للهِ من لُطفٍ خفيّ"..
حين اشتقتُ إليك، دعوتُك، وحين اشتقت إليّ ابتليتني، ومنذ ذلك الحين أسألك رِضاً لا يزول، ومرداً جميلاً -دائماً- إليك. 

قُدِّر لنا أن نمتلك أرواحاً بتلك الهشاشة، بذلك الثِقل، و قُدر لي أن أتعثَّر به، فيخذلني، رغم أني كنت أدعو له مع كل قطرةِ رحمةٍ للمطر. 
وقُدَّر لي أن أمتلك قلباً جباناً، يخشى الوجع رغم كثرةِ تعثره به. 

ظننتُ أن البكاء سيتوقف يوماً، سأكف عن التأوه، وسينتهي عهد أحلامي السيئة. 
ظننتُ أن الحياةَ رحبة، متسامحة، وأن الناسَ على قدرٍ كبيرٍ من الطُهر والعفة. 
ظننتُ أنه سينقذني، وإذا بي أصنع طوقَ نجاةٍ دون تدخلٍ من أحد.

أقابل وجهي في المرآةِ كل صباحٍ ولا أميزه، ولا أبتسم لي، هُناك ظُلمة خفية في الروحِ تتسرب إلى جلدي المصفر فتصيبه بالعَجَز، وحزنٌ مستقرٌ بالعين يُطل على الجميع بوقاحة، وإزعاج.

متى توقفتُ عن حب نفسي؟ لا أذكر. 

كنتُ ذات مرّة بشجاعةٍ كافية لتحدي المجهول، بثقةِ قلبٍ لم يمسه وجع، ولم يعرف كيف يكون فقدان الأمل، والآن تطلُب قطعاً من قلبي البائس، مرةً أخرى، فلا أعرف كيف سيطمئنُ بين يديك، تلك المُضغة التي لم تطمئن أبداً، بداخلي. 

لا أجرؤ على طلبِ العفو، عقلي لا يعمل بتلك البساطة.
الألمُ حتمي، هو الشئ الأكيد المطلق، أما السعادة فنسبية، غير مؤكدة، عليكَ أن تبحث عنها بدأب بين ركام اليأس والضجر.

ستنتظرني، كي أمنحك لحظاتٍ صادقةٍ من الحب والسعادة، وقد يطُول انتظارُك.
سأتعثر دائماً في طريقي إليك، سأبكي كثيراً أيضاً، قد لا ينعُم عليّ الله بالسكينةِ حتى ألقاه، لكني سأحاول، سأتدرب على رسم الإبتساماتِ المُلوّنة، أنت تعرف أني أجيد ذلك، وسأنظر دائماً في الأفق محاولةً الوصول إلى ظل وجودك، كي أراه، فأستكمل المسير دون ملل. 

قد أعيد قراءة تلك الكلمات بعد عام، أو أكثر، فأضحك على سذاجتي، أو أبكي فرحاً لأن الله أحب ابتساماتي وقرر منحك إياها، أخيراً.

على كُلٍ،
الله لم يخلقنا لنبكي، ونتألم، هو دائماً يقول أن أولياءه لا خوفٌ عليهم ولا هم يحزنون، وكثرة الحزن دليل قاطع على طول الطريقِ ومشقته، لكن الله لم يخلقنا للحزن،هو فقط يغار، على فرحةٍ غيرَ فرحةِ قُربه، فتذكر دائماً، الله جامع ذراتِ قلوبنا الصغيرة، إن أحسنتَ وصالك به، وصلك بما تُحب، وأرضاكَ به. 

فانعم بالوصالِ.. وابتهل.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

:)

This title was intentionally left blank.

صديقي الأزرق الصغير، ألم تتلاشى بعد؟ أخبرني كيف كان نهارُك بعد تلك الليلة المضنية؟ ألا تزال ترفع عينيك إلى السماء و تصرخ بغضب؟ أعرف....