2012-03-15

موضوع عادي ..



عادي .. المصطلح الأكثر شهرة في قاموسي حتى الآن .. دائماً يصحبه عدة جمل غريبة مثل "مش فارقة" .. " ولا يهمك" .. "مش مشكلة خالص على فكرة " .. و أخيراً .. " عادي .. شوية إكتئاب وهيروحوا لحالهم " .. !

انقضت على خير فترة تقوقعي في ذات نفسي .. انتظرت فيها كثيراً حتى صارت الخيبة هي الأخرى شئ " عادي " تمر عليّ كل يوم دون حتى أن تلقي التحية .. تصفعني بقوة ثم تمضي غير آبهة بما تركته يدها القاسية من علامات على وجهي المملوء بالأمل .. حتى ملّها الأمل نفسه وغادر كل ذرة مني دون أن يودعني هو الآخر .. الجميع الآن ينصرف دون أن ينتبه .. الجميع يغادر في برود لا مبالي .. والجميع الجميع سواي .. لا يهمهم الأمر برمته .. !

الجميع ينظر إلى الأمر وكأنه اختبار تافه .. يملأوون أفواههم بكلمات التشجيع وبأنه ولا حاجة وبأنه عادي .. والجميع لا يلحظ أيضاً أنه ليس بتلك التفاهة إليّ .. هو ليس سوى رمز صغير لمعنى أكبر .. أو خطوة صغيرة تمنح الجرأة لخطوات أكبر تتلوها .. والجميع لا يعرف أني حين أشعر بالعجز التام لتجاوزي نقطة معينة يتملكني شعور تام أيضاً بأني لن أخطو بحياتي ولو شبراً واحداً إلى الأمام .. !

ابتعدت عن القاع مسافة كبيرة .. أنهكتني طول المسافة وتسلقي عكس الجاذبية .. أنهكني صراع بداخلي بين شجاعة المواصلة وخوف السقوط مرة أخرى .. أنهكتني حجارة قاسية تجرح يدي كلما تسلقت إلى الأعلى .. أنهكني التفكير في ما حدث وكيف وقعت في أعماق الجحيم كل تلك المسافة ولم أنتبه .. أنهكني البكاء والصمت ومحاولات تجاوز الألم .. أنهكني ضياع صوتك في صخب حياتي أو حياتك أنت لا أعرف .. أنهكني التمسك المستميت بتلك النقطة التي وصلت إليها .. والآن يقتلني عقلي .. لأني على الرغم من تحركي جسدياً وخروجي حرفياً من قاع الجحيم إلا أن عقلي بلعنات الذكريات وحطام الذات لا يزال في القاع .. !

لم أعد أعير انتباهاً كبيراً للأشخاص .. لأنهم في كل الأحوال لن يبحثوا عنك .. وحتى إن وجدوك صدفة .. سيبتسمون .. يلقون التحية .. ثم يلوون رؤوسهم ويمضون .. ليأكدوا لديك فكرة أنك لا تعني لهم شيئاً سوى ذوقيات التعامل المصحوب بابتسامة متكلفة !

أزهاري بدأت في الذبول .. لم أهتم لها كثيراً ووضعتها في إناء به ماء .. لم أهتم لوضع السكر أملاً في ازدهارهم لفترة أطول .. لم أنتبه حتى للونهم الذابل سوى اليوم .. ولن أحاول انقاذهم .. ليس بدافع القسوة .. لكنهم حين ينتهون سألقي برفاتهم في أحد الأركان وأمضي مزهوة بسعادة التخلص من كل ما بدأ في الذبول في حياتي .. أو ربما .. لأجرب ذلك الزهو ولو لمرة .. لأرى كيف يشعر الناس حين يلقون بزهورهم الذابلة في مكب النفايات .. أو الذكريات !

حتى ذرات الغبار المتطايرة .. تزعجني !

اكتشفت للتو أن الجميع مجانين .. بكل طريقة ممكنة .. ولا يهم إن كانوا يعترفون بجنونهم أو حتى يلحظونه .. لكن المهم أن الحياة لن تيأس أبداً في إثبات حقيقة جنونهم .. في كل لحظة يعيشونها برتابة مملة .. دون جنون أحمق يخرجهم عن النص ولو للحظة !

بنلف ف دواير
والدنيا تلف بينا
ودايماً ننتهي 
لمطرح مبتدينا 

ودايماً بنتهي لمطرح مبتديت .. وهي دي الأزمة ! 

بس عادي بقى .. مبقتش فارقة كتير !

هناك تعليق واحد:

  1. الحقيقة انى مكنتش عاوز اعلق هنا خالص :D
    بس الحقيقة ..
    ضحى، كتابتك مُبدعة وعميقة ومُذهلة ورائعة!

    ردحذف

:)

This title was intentionally left blank.

صديقي الأزرق الصغير، ألم تتلاشى بعد؟ أخبرني كيف كان نهارُك بعد تلك الليلة المضنية؟ ألا تزال ترفع عينيك إلى السماء و تصرخ بغضب؟ أعرف....