كلُ شئ بلا استئناء .. يؤلم
في عيني دمعةٌ حبيسة .. أكتمُها رُغماً عني فلا سببَ للبكاءِ .. كلُ شئٍ يبدو مثالي .. الهواءُ كما هو .. السماءُ كما هي .. الوقتُ كما هو .. الأشخاصُ والأحداثُ والأماكنُ تتكرر كما هي .. كل شئِ يمُرُ بروتينٍ معقدٍ يصعُب عليَّ تقبُلُه .. كل شئٍ يبدو مثالياً في ظاهِرِه عبثياً وفوضوياً في حقيقته .. كلُ شئ يؤلمني وإن لم يقصِد ..
تؤلمني الجدرانُ السميكةُ المصمتة .. تُشعرني بعجزٍ لا يُطاق .. رنة الهاتف .. المصباح ذو الضوء الذهبي .. لوحة ما .. صوت طفلة تضحك .. مشهد سخيف لقصة حب تافهة .. الرطوبة القاسية .. حلم تاه في غفلة مني .. صديقة تشعر ببعض الضيق .. العالم المتمرد من حولي .. السخرية اللاذعة من كل شئ .. واسمك الذي يظهر أمامي من حيث لا أدري .. فجأة
أقرأ .. أتجنب تلك الكلمات التي أحفظها عن ظهر قلب .. أبحث عن كلماتٍ أخرى فأنتقل بين السطور دون أن أقرأ .. وأقرأ دون محاولةٍ للفهم .. يُذكرني المكان بمشاهد لحياةٍ سابقةٍ كنتُ أعيشها .. امتزج فيها الكثير من المتناقضات التي صنعت لحياتي لحناً مميزاً وإن كانت تبدو بائسة .. كتاباتي .. كل كلمةٍ فيها تذكرني بأمر ما جاهدت كي أنساه .. حديقتي السرية كما اعتدت تسميتها .. لم تعد كما كانت .. صحراءً قاسية .. هكذا صارت
صراعاتي .. أخطائي .. تدور في فلك واحد .. جلدُ الذات الذي لا يتوقف .. أخسر نفسي مع كل لحظة .. أزيد من قيودي بإرادتي .. أهرب .. أحاول الإختباء في مكان آخر صنعه خيالي ليرضيني .. أو ليريحني .. أنتهي في ذلك المكان صامتةً شاردةً .. أُحَدِّق إليك دون أن أنظر .. لأنك دائماً تكون في الأرجاء .. أخاف من حقيقة تؤلم هي الأخرى .. بأني أهرب من خذلانك إليك .. أملاً أن تحتضنني مرةً أخرى .. فلا تفعل
يكرهون أن أصف نفسي بالوحدة .. ثلاثة أو أربعة .. وربما خمسة أو أكثر .. صديقات تخبرني بأني لستُ وحيدة .. بأن هناك في هذا العالم المظلم مصباحٌ صغيرٌ يبعث لي بالدفء حين يشتد البرد وتشتد العتمة .. لكني وحيدة .. صامتة .. لا أحد ينتبه لي .. لحظاتٍ قصارٍ يتحدثون فيها معي .. ثم ينصرف كلٌ إلى شئونِهِ الخاصة .. لست ناقمة .. لست ساخطة عليهم .. أنا أسخط عليَّ لأني لم أكن صديقة لنفسي حين اختفى من حولي أقرب من هم لي ..
أكره الواقع .. وأكره المستحيل .. ولم أعد أؤمن بتوحد أملنا النبيل .. لست بتلك الرقة لأُجرَح بسهولة .. لم أعد كذلك .. لكن هناك خيبة أمل قاسية .. هي ما تؤلم أكثر .. وتوجع أكثر .. وتمنحني يأساً بالمجان .. فلا أحد يعرف بحق معنى الأمل .. ذلك الذي كان في لحظة من اللحظات سببك الوحيد للبقاء .. دافعك الوحيد لتتنفس .. ثم يختفي ذلك الأمل في لحظة تردد أو خوف .. الأمر قاسٍ .. وموجع إلى حد الموت ..
لن أموت .. أعرف ..
سأعيش .. أعرف هذا أيضاً ..
سأتخطى الأمر .. أتمنى ..
سأصير أكثر إشراقاً وبهجة .. سأشعر بالسعادة حد الإمتلاء .. سأبتسم دائماً ولن أعبأ بشئ .. آمل ذلك ..
سأنسى .. لا أظن
سأعفو .. لم أسخط بعد لأحاول أن أبحث عن العفو ..
كل شئ يؤذِ .. كل ما حولي يُحدق إلي منتظراً لحظة غفلة مني ليوجعني .. لا شئ يمنحني سكينة .. لا أحد يتمتم بكلمات تحمل الراحة .. ولا يملك حتى صمت مستعار ليسمع كل ما بداخلي ويربت على كتفي في حنان .. حتى تلك الأزرار المصمتة تجرح أناملي .. لأن تلك الكلمات التي أكتبها تحمل معانٍ في نفسي .. معانٍ يؤلمني وجودها .. ولم تعد تلك المساحة تكفيني .. ولم يعد داخلي يحتمل .. وأنا دائماً في المنتصف .. أبحث عن ملاذ آمن .. فلا أجده .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
:)