أستلقي في محاولة فاشلة لاقتناص النوم إثر شعور مستفز في عيني يجبرني على إغلاقها ، أنا أهذي حتماً لكن الأمر ليس بتلك الخطورة ، فتلك الكائنات الفضائية المعلقة في سقف الغرفة تبدو وديعة ، من الصعب أن تفكر في قتلي أو تقطيعي إرباً ، كما أني أبدو هادئة ومسالمة وأنا أرتدي ذلك اللون الفاتح ، على كلٍ لن تنتبه تلك الكائنات إليّ فحركة المروحة المستمرة تعطيها الإلهاء اللازم لأتفادى حركاتها الغادرة ، كم تبدو وديعة وهي تحرك رؤوسها الصغيرة مع ريشات المروحة في محاولة لتتبع مسارها الدائري ، على كلٍ تبدو كائنات غبية كأفكاري الآن تماماً .. لا داعي للقلق فستنتهي نوبة هذياني قريباً للتتوقف كل الحركات ويعم السكون التام وأحظى بنوم هادئ ودافئ لأستيقظ بابتسامة واسعة على وجهي وأنا لا أذكر ما حدث للتو.
الذاكرة ، أنظر إلى تلك الكلمات الأعجمية الخبيثة في ملل ، كلها تشبه بعضها ولا فرق .. فقدت ذلك الشغف بما أفعل منذ وقت طويل ، منذ أن وقعت من ثقب ما صنعه أحدهم خصيصاً لي ، ماذا؟ ألا تحبون إلقاء اللوم على الآخرين؟ ستخبرونني الآن أني من أصنع حياتي وبأن أخطائي وفشلي هي نتيجتي أنا وحدي؟ سأخبركم بابتسامة صادقة بأن تذهبوا وأكليشيهاتكم المزيفة إلى الجحيم ، جميعناً نضع الأخطاء في جعبة غيرنا حين تتعقد الأمور وننسى من المسئول ، فقط لأننا لا نمتلك شجاعة المواجهة واعترافنا بأننا screwed up كجميع البشر ، لأننا حمقى نتصف بالغرور العابث ، تباً لتلك البشرية الحمقاء ، وتباً لمن رسم حدود ثقوبي بدقة لأقع في الهاوية بلا تردد ، وتباً لي لأنني أغمضت عيني ووقعت وأنا أظن كالبلهاء أن نشوة الوقوع ما هي إلا سعادة التحليق.
“ You see hidden within the unconscious lies an insatiable desire for conflict.You’re not fighting me, Mr. Holmes, as much as fighting the human condition.”
-Professor Moriarty
بحثاُ عن الهدف .. على الهامش كعادتي تركت جملة لتذكرني بذلك الوقت ، لتعيدني إلى أفكار واراها تراب الملل وتراكمت فوقها أفكار أقل أهمية وأكثر تفاهة ، نظرية الدائرة التي اخترعتها ذات مرة .. كنت تائهة وأنا أبحث عن إجابات لأسئلة عذبتني ، وهرباً من أسئلة أخرى من المستحيل الإجابة عنها .. لأجد نفسي أغني "بنلف ف دواير" مع كل خطوة وأنتهي مطرح ما ابتديت مع كل إنقطاع للنفس.
فكرت أن أعود إلى المركز ، حيث لا يوجد سوى نقطة واحدة فقط ، حيث كل انش بعيداً عن ذلك المركز سأجد دائرة تختلف في الطول والقصر ، حاولت ، وقفت ، انتظرت ، مللت ، تقهقرت وعدت ، اندفعت مرة أخرى في تهور ، ثم عدت ، اهتزت بي الأرض فجأة فجلست القرفصاء ، ابتعدت عن المركز أو اقتربت لا يهم ، المهم أن يتوقف الركض ، هكذا ظننت ، لكني سرعان ما اكتشفت فشل النظرية البلهاء فقررت كسر الضلع الأعوج لأسير في المماس محاولة أن أجد طريقاً مستقيماً سالكاً بلا انحناءات أو توهان في دائرة لا تنتهي ، ظناً مني أن كسر الدائرة بالخروج منها إلى الأبد ، لكني صُدمت حين وقعت في دائرة أخرى .. بداية ونهاية غير واضحة لركض لا ينتهي .. وهلم جراً وزحفاً لكل ما كان لكن بمسميات جديدة وخدع جديدة والتواءات جديدة.
----
حسن .. يقف على طاولة غرفته .. يحدق إلى الأعلى حيث لا سقف يحميه .. يمد يده الصغيره .. ذراعه القصير لا يُمَّكِنُه من الوصول إلى ما يريد .. يُحدق إلى تلك الذرات اللامعة .. عبثاُ يحاول أن يمسكها .. بعيدة هي .. لكنه لا يهتم .. مؤذية .. أجسام نيران ملتهبة في حقيقتها .. لكنه لا يدرك .. وإن أدرك لن يهتم .. تلك الذرات الصغيرة اللامعة تأسره .. تستولى على حسه .. هو عازم على اقتناص إحداها ليحتفظ بها لحبيبة ستأتيه حتماً .. يوماً ما ..
حسن طفل في السادسة من عمره .. يقف على طاولة بأقدام ثلاث .. فالقدم الرابعة على وشك البتر .. خفيف هو كالظل .. لكن القدم الرابعة لن تحتمل .. سيقع بلا شك وقد يبكي .. لكنه لا ينتبه .. وإن انتبه لن يهتم .. فيداه الصغيرتان تحاولان في تفانٍ اقتناص فرصة .. فرصة واحدة لامعة ليغير حياته .. إلى الأبد ..
حسن صغير .. لن يحتمل الوقوع .. وربما تتهشم بعض عظامه لأن الأرض قاسية والطاولة لن ترحمه .. لكنه لن ييأس .. سيتجاهل البكاء والألم وذل الفشل .. لن يهتم .. فقط سينظر إلى الأعلى من جديد وتلمع عيناه الصغيرتان في حب .. ويبحث عن جنيته الصغيرة المضيئة لتصنع له سلماً من المرمر ليصله بالنجوم ..
سينتهي حسن من بكاؤه الليلة لأن طاولته لن تحمله غداً .. وسيقضي ليلته يحدق إلى الأعلى وهو يرسم بريشة خياله أزهاراً وفاكهة و قطاراً و مدينة من السحاب ووجه حبيبته المنتظرة .. وسيغفو على كتف ملاك يهدهده بأغنية يحبها .. وسيبتسم .. لأنه لم يتعلم شيئاً سوى الإبتسام ..
.
.
.
سيستيقظ حسن في اليوم التالي أكثر خفة من ذي قبل .. لأنه رأى في أحلامه طفلاً صغيراً يقف على طاولة في محاولة لأن يلتقط نجمة هاربة .. وسيبتسم حين تُذَكِرُه ملامحه العذبة بوجه يعرفه .. وسيثب إلى الأعلى ليرسم على سقف غرفته نجوماً فضية ليصنع منها أحلامه كل ليلة .. وسيؤمن .. فقط يؤمن بأن ذلك الطفل بداخله أبداً لن يستسلم .
وحينها سيجد حتماً جنيته الصغيرة المضيئة .. وسينال قبلة من حبيبته المفقودة.
كالعاده بخرج من عندك مبسوط ومش فاهم ولا كلمه :)
ردحذفبس سيبك انتى شارلوك هولمز علم على مورياريتى بتاعك ده فى الاخر D:
أهم حاجة إنك تطلع مبسوط :)
حذفوآه شارلوك هولمز علم عليه بس هو أثبت نظرية :D