أوقن تماماً بأنك لم تعد هنا ..
رحلت عني كما يفعل الجميع .. يحزمون أمتعتهم ويتركون لي بقايا أرواحهم ألملمها لهم .. ثقل تفاصيلهم المبعثرة في أركاني .. تلك التي ينهكني ثقلها ومحاولاتي المستمرة لمحوها تماماً .. والتي لا تنجح أبداً فتترك بداخلي أثراً لهم .. ألمسه بين الحين والآخر رغماً عني فأتذكرهم .. وأرتبك .. لا أعرف أأبكي على رحيلهم أم أبتسم لأن آثارهم تلك رسمتني .. بكل ما بداخلي من تشوّه مبدع .. وكل ما يملؤني من قوّة هشة !
لأنك لم تعد هنا ..
لم أعد أقرأُ رسائلك .. أعطيتها لساعي بريد ذو وجه ممتلئ بالحزن والوجع .. ليوزعها على مساكين الأمل ومعطوبي الأحلام موقعةً من مجهول .. أو ربما من القدر ..
حتى رسائلُك تلك .. لم تعد تبتسم.
لأنك لن تعود .. أبداً ..
سأشارك درويش قصيدته .. وأكتبُ كي أنسى إساءَتَك ..
سأعيد ترتيب قلبي بما يليق بخيبتي المتكررة .. سأطفئ ذاكرتي كي لا أتألم .. سأرتدي بيجامة زهرية وأجلس القرفصاء وأنا أقرأُ لشاعرٍ تحبُه وأكرهُه .. سأسخر من هوسي بجعل العالم مكاناً أفضل ليليقَ بك .. بكتاباتي الساذجة الممتلئة بالحب والخوف والحيرة والوله .. سأكفر بالنهايات السعيدة وسأؤمن فقط بمبادئك .. تلك التي سأتذكرها كل يوم لأضحك على سخافتها وغبائي .. سأعيد ما أعددت لك من الدفء وما صنعت لك من الحلوى إلى أدراجي .. ولن أذكر كيف التقينا .. ولا كيف انتهينا .. سهواً ..
سأنسى كل أشياء الغياب .. وسيعاقبك القدرُ حتماً على نسياني.
لكني لن يصيبني هوسٌ برصد الإحتمالات الكثيرة ..
لأني عزيزي .. لن أنتظر.
.
.
.