عارف .. الدنيا مش مستاهلة تعقيد .. مش مستاهلة حتى تضايق عشان خاطرها.
كنت في الأتوبيس .. الهاند فري في وداني والشمس ضاربة في عيني .. بحاول أفهم أنا ليه بحب السفر كده .. ليه بسرح في الطريق مع إنه مفيهوش حاجة تشد .. ليه دماغي اللي دايماً بشتكي منها ومن كتر الدوشة اللي فيها بتحلى القعدة معاها والفضفضة في الوقت ده بالذات؟
كام سؤال كده من بتوع "أنا ليه معقدة؟" على كام "هو أنا هفضل كده على طول؟" على شوية "الدنيا دي غريبة أوي يا حسين" كانوا بيلفوا في دماغي .. مع المزيكا اللي ف ودني .. مرة أنغام تضحكلي وساعات فيروز تديني أمل .. شوية أركز مع الجيتار وأكتشف إن اللحن ده عبقري .. وساعات تعدي الأغنية محسش غير بالدرامز وهي بتخبط في دماغي مع كل فكرة جديدة بتطلع من حيث لا أدري ..
الغريب في الموضوع إني كنت مركزة في الأسفلت أكتر من الطريق نفسه .. متعجبة ومندهشة من إنه بيبان خطوط بتسابق بعضها .. كل خط بيقطع واحد تاني ويفضلوا يتقابلوا ويتقاطعوا وساعات يبقوا خط واحد ويفضل مكمل .. بتفلسف أنا كتير وبتفلحس أنا عارفة .. لكن صدقني يا عزيزي .. تلك اللحظات اللي بسرح فيها في تلك الأسئلة والأفكار الوجودية السخيفة من اللحظات النادرة اللي بتيجي من وقت للتاني .. اللي ببقى فيها رايقة بجد.
فلاش باك ..
سنة ورا .. كنت هناك .. بلف بنفس الشغف .. بنفس العينين اللي بتلمع .. ببتسم نفس الإبتسامة الهادية .. وبضحك لما أخويا يقولي تعبت .. أو يزعقلي عشان جعان وأنا مش بتهد وعاوزة أفضل ألف ..
كنت انت يوميها معايا .. بجد.
عودة للواقع ..
السنة دي .. مكانش في حد معايا ..
كنت لوحدي!
مسجد .. وسما .. وشوية عصافير ..
perfection بيخليك تقف للحظة وتسأل نفسك .. أنا بجد متطمن؟
رغم إن الساحة كانت واسعة .. الأرض لونها أبيض .. والمكان فيه براح .. لكنك كنت من جواك متكتف.
شوارع زحمة .. وشوش ناس كتير .. ألوان في كل حتة .. جمال متفرد.
نظراً لإني قُصيرة .. أشب قدر المستطاع عشان أوصل لصوت المرشد .. محتارة أسمعه ولا أبص حواليا .. المكان مبهر .. الدنيا زحمة .. وأنا قصيرة ومش سامعة .. تسألني هي إيه رأيك .. أقولها المرشد عينيه ملونة .. مش هستغرب لو مسكتوا ده دليل ضدي على إني مجنونة حبتين تلاتة.
مجموعة من البشر واقفين على عربية فول .. بياكلوا باستمتاع غريب .. بدافع من الجوع يمكن .. الحاجة الوحيدة المشتركة مبينهم كانت خطوط صغيره حوالين عينيهم بترسم ضحكتهم .. الشعب ده غريب .. بيضحك وهو مش لاقي اللقمة .. كان نفسي ساعتها آكل معاهم وأهزر أنا كمان .. بس منفعش لظروف قهرية أمنية .. ويمكن عنصرية.
لم يعد بائع الحلبسة يبتسم .. ليه معرفش!
مشهد الأتوبيس .. كلاكيت تاني مرة.
أفتقدهم .. كان نفسي يكونوا معايا .. أفتكرها وهي بتقولي هاتيلي معاكي من هناك انبساط كتير .. فأضحك وأغمض عيني عشان الدمعة اللي فيها متهربش .. مش ناقصاها عياط أصلاً.
عارف .. في الأول وفي الآخر الدنيا مش مستاهلة ..
درويش كان عنده حق لما قال "واحمل عبء قلبك وحدك" .. مهو أصل محدش هيحس بالعبء ده زيك .. ومحدش هيعينك على شيلتك غير ربك .. هتلجأ للناس ليه؟ وتقعد تفسر وتوضح وتشرح ليه؟
الطريق تاني .. والأسئلة تاني .. القمر ليه دايماً وشه حزين؟ .. الناس اللي راجعين من المكان ده حكايتهم ايه؟ ليه دايما اتعودنا نخاف على كل فرحة تجيلنا لا تقلب حزن؟
ليه دايماً طريق الرجوع بيبقى مضلم؟
وليه أنا قلبي ساكت مبينطقش؟
.
.
.