"في مثل تلك القصص .. لا يمكنك أن تمسك بنقطة للبداية .. هي فقط النهاية التي يمكن تمييزها .. بوضوح مزعج أحياناً"
كان مجرد حلم .. ربما استمر لدقيقتين أو أكثر .. بينما امتدت ذكراه عمراً كاملاً ..
لم تره سوى مرة واحدة .. كان يقف في مكان ما بجانبها .. ممسكاً بأطراف روحها .. يأبى المضي وحيداً بدونها .. يخبرها بعجز بأن حياته في حاجة إليها .. بأنه يحبها كثيراً .. كثيراً .. وبأنه لن يترك يدها مهما كلف الأمر..
تذبل روحه تدريجياً .. تختفي ملامحه وسط ضوضاء مجهولة المصدر .. يتلاشى احساسٌ قاسٍ بالوحدة .. وشعورٌ بالعجز لا يُطاق.
حين فتحت عينيها على أرض واقعها لم تتمكن من استعادة ملامحه .. لم تعرف من يكون .. كانت كل ما تعرفه بأن هناك من هو بحاجة إليها .. هي فقط عليها أن تبحث بدقة .. كي تراه.
---
التفت إليه قلبها فجأة حين كان يختلس إليه النظر .. بحثت بداخل عينيه على لغزها المفقود .. على روحٍ زارتها ذات مرة وقررت أن تقيم بداخلها إلى الأبد ..
التفتت إليه عينيها فجأة فأمسكت بعينيه تنظر إليها بحب .. وخجل.
لم يكن قد رآها منذ زمن .. كانت تحدق في لون قميصة الفاتح حينما كان يرتوي من وجهها الباسم .. أحبت قميصه ذاك لأنها وللمرة الأولى عرفت أنه يحبها .. دون أن يضطر أن يهمس بأي كلمة .. دون أن تنظر إليه..
---
لم يكن يجيد نظم الشعر .. لكنه تعلم كيف يرسم كلمةً تحمل كل ألوانها .. كل أحلامها المؤجلة .. كلمة بعطرها المفضل.
لم تكن تدرك لمّ يسمونه الوقوع في الحب .. ولم تهتم .. هي فقط ألقت بنفسها من على حافة هاويةً مظلمة دون أن تفكر .. لأن أعماقها البعيدة كانت تشبه عمق صوته المحبب .. هاوية ذات رهبة .. كطلته .. ألقت نفسها دون خوف من التحطم .. لأنها كانت تؤمن به كفاية لتتوهم أنه يتقن الطيران..
---
كانت يائسة من حياة بالية .. اعتادت فيها الظلام .. ولم تر فيها سوى الكراهية .. تعرفت فيها على قيح العالم وبشاعة البشر .. كانت باردة ووحيدة .. هو فقط .. هو من أعطاها تلك القبلة السحرية المسماة بالأمل..
لم تعرف من قبل كيف تتآلف مع ذلك الكيان بداخلها .. هو فقط .. هو أعطاها سبباً لتشعر أنها تستحق بعض العطف .. قليل من الحب .. والكثير الكثير من السعادة..
كان أميرها الوحيد .. لأنه أراد أن يكون أمير أحلامها .. ولم يسعها إلا ان تعطيه مفتاح مملكتها راضية .. مطمئنة إليه .. إلى نجوم عينيه الصافية..
.
.
.
.
لم يكن عليها أن تنهِ القصة ..
لأن في تلك القصص .. لا يمكنك أن تنسى النهاية .. خاصةً إن كانت محملة بقدرٍ كبيرٍ من الوجع ..
لأنه كان يحمل بداخله حاجة حلوة ..
وبداخلها أيضاً .. كانت هناك حاجات حلوة ..
هنحط هنا نقطة..
وبيكفي.