حظي سئ، هكذا سأحب أن أصوغها وأنا أقف أمامهم بجروح واضحة وأجفان متورّمة، لن أخبرهم أني لم أمتلك ما يكفي من الشجاعة لأتمسك بما أريد، أو حتى القليل من احترام الذات لأعرف حقيقةً إن كنت أريده أم لا، سأتذرع بسوء الحظ وأنا أبتسم، لأريهم خللا بأسناني الأمامية يظهر بوضوح حين أشير إليه بيدي هكذا، وسيتبعون يدي كالحمقى وهي تبتعد عن قلبي بإصرار لتشير إلى الخلل، في المكان الخطأ.
سأخبرهم أيضا بأني أهتم، وأتناسى أن ادعاء الاهتمام أكبر خطئا من ألا أهتم، سأربت على أيديهم وأمنحهم بعض الونس بالبقاء قليلا، وربما أبكي معهم إذا لزم الأمر، لكنّي في اللحظة التي أقرر فيها الرحيل سأتذكّر أنهم لم يكونوا بالجوار حين بكيت وحدي وتطلعَّت إليّ عيون الغرباء بالفضول، والشفقة،
قد أبدو ناقمةً على العالم، أدعو لاندلاع حربٍ نفسية، لكنّي وديعة حقاً، أخرج أوراقي وأقلامي وفرشاة ألوانٍ اختبأت بداخلي، وخيطاً رفيعا ألفّه حول عنقي، وأشده كلّ يوم، ببطء.
يستمر المُحاضر في شرح أعراض الإكتئاب، وأستمر في التحديق إلى الدائرة المفرّغة، يقول بإصرار أن المريض قد يشكوا من ألم بأسنانه، ألم بالرأس، وإرهاق، يبدأ عقلي في إسقاط كلّ ما يقول على ما يحدث لي مؤخراً فأضحك، و أكاد أسأل؛ هل تتضمن أعراض الإكتئاب رؤية فتيات جميلات يتمايلن على إيقاعٍ راقصٍ وأنت نائم؟ لكنّ السؤال لم يتجاوز أبدا شفتي، كما أني لا أذكر وصف الفتيات على وجه الدقّة وكنت أعرف أن الحاضرين قد يرغبون في معرفة تفاصيل مهمة كتلك، على كلٍ، يزداد ألم أسناني فأنظر إلى عقلي بتحدٍ، عرفت السرّ لكنك لا يمكنك خداعي، وأستمر في تكذيبه، والهرب.
أمي تحضر لي مناديل معطّرة حين لم تجد أي مناديل ورقية بالغرفة، يربت أبي على كتفي ويطلب مني أن أتوقف عن البكاء، يعتذر أخي مرارا فأهدأ، و أجد الضوء يتلاشى، يُظلم كل شئ، إلا عنهم، أشعر بالغربة وسط الجميع بالخارج، أرغب أن يحتضنني أحدهم ليعيد أجزائي المبعثرة، كل إلى مكانه، فيحتضنني أخي في الصباح، وتقطف أمي ياسمينة صغيرة وتبتسم، ويستمرّ أبي في حسم صراع النيكوتين ومزاحه المرح، تنفرج الدائرة قليلا ويتسلل بعض النور، فأشعر بالاكتمال.
الزرع، مصدر البهجة الدائم، والوردة اللي بتفتح. بشويش..
ضحى... :)
ردحذف