2014-08-20

تمرين كتابي - 3



هل تذكر المرة الأولى التي أخبرتك فيها عن نيفرلاند؟ مملكتي التي لا تكبر أبداً؟ لا تذكر. ولا أنا أيضاً. 
كان هناك حبّات رمّان ترقص كثيراً على موسيقى غجريين مجانين، أحب الغجريين كثيراً، بعيونهم الثاقبة الكحيلة، شعرهم المجهد ووسامتهم المبالغ فيها، أيضاً أحبهم لأنهم لصوص وقطاع طرق، يرقصون في كلّ مكان، ويشربون الكثير من العنب. 
مللت الكتابة عن أخطائي، ولم أعد أتذكر عن ماذا كنت أكتب قبلاً، حتى وقعت جنية في يديّ صدفة وطلبت مني أن أؤمن، لأن هناك جنية في هذا العالم تموت كلّ يوم، لأن لا أحد يؤمن، أو يصدق. 
خذلتهم جميعاً، ونفدت من جعبتي الحكايات. 
لكن لا يهم، لنبدأ من جديد. 

---

قد لا تراها عينيك جميلة للوهلة الأولى، فهناك سمرة تعتلي وجهها الصغير رغم كبر سنها، أنفها دقيقة وعينها ضيقة وسوداء، وشعرها متهدل وكثيف، وأسود، ليست حورية تائهة فهي ممتلئة، وطويلة، تصلح لأن تكون أماً مثالية، وجدّة حنون وخفيفة، ترفع ثوبها لتريك موضع الألم فتدرك أن ما يتراكم تحت جلدها الناعم ليس سوى الحب والحلوى. 
تمتلك خزائن ممتلئة بالفاكهة، والطعام، تصنع لك بطاطا حلوة كلّ صباح مضيفة ملعقتين من العسل، لتحيل يومك الكريه إلى بداية معسولة ومميزة، تنمو على حواف يديها زهور برية، سرعان ما تكبر لتغطي جسدها كلّه، فتصير رائحتها كرائحة بخور هنديّ لا تمل منه أبداً.
ورغم أن ضحكتها صافية وهادئة، إلا أنك ترى الحزن يعلو عينيها كل حين وآخر، خاصة حين تتساءل بشغف عن الملائكة، والرحمة، والنور الذي يعلو السماء فجأة فتسميه طاقة القدر، فتظل ترتل من الآيات ما يكفي ليروي ما بها من اشتياق، وتبكي حتى يخفت الحزن ويهدأ.
كانت تميل رأسي على صدرها وتضمني برفق، لتصنع من الفاتحة والدعاء غطاء شفيف يطرد أفكاري السيئة، وأحلاماً مزعجة تطاردني، أضحك كثيراً أيضاً حين تخطئ فتبدل الحروف مكان أخرى، فتطلب مني أن أظل معها لفترة أطول كي لا يضيع الـ "نوس" ولأنها تصير مثلي أحياناً، وحيدة.
قد لا تراها عينيك جميلة للوهلة الأولى، لكنّك حالما تغادر دفئها ستعرف أنها كانت تشبه الفانيليا، بيضاء، ومثالية.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

:)

This title was intentionally left blank.

صديقي الأزرق الصغير، ألم تتلاشى بعد؟ أخبرني كيف كان نهارُك بعد تلك الليلة المضنية؟ ألا تزال ترفع عينيك إلى السماء و تصرخ بغضب؟ أعرف....