2014-08-04

تمرين كتابي - 2

'Old green door' painting by Justin Clements

حائط ما، منسيّ في أحد زوايا شارع ضيّق، يتوسّطه باب عجوز، تساقط لونُه على مرّ السنين، يقف شاحباً ووحيداً، صامداً أمام خدوشٍ متفرقة في أنحاء جسده الخشبي، أثرٌ للطمةٍ غاضبة منذ عام، حفرة صنعها طفل مشاغب في الأسفل، اعتذارُ كرسي جديد أدخلوه عُنوة رغم ضيق المسافة، مسمار صغير علّقوا عليه أسماءهم بفخرٍ ذات مرّة، وخلل واضح يظهر حين يعجز عن التماسك، كانوا يعرفون أنه سيسقط ذات يوم، وسيستبدلونه بأبواب حديديّة تصلح للبقاء الطويل والصفع المتكرر دون أن تصاب بهِرَم، قد يستبدلونه الآن أيضاً، فأنين مفاصله المتهتكة الذي يزداد كلّ يوم يُعجزهم عن النومِ أحياناً.


كان حنوناً، كجدهم الذي لم يرَوه، لو رسم أحدهم له حاجبان كثيفانِ من الشعر الأبيض لضحك، أعادوا طلاء واجهته ذات مرّةٍ بالأخضر فحزن لأنه لم يكن يليق بلون مقبضه النحاسي، لكنّه اعتاد الأمر حين وجدهم يكررون أنه بابٌ أخضر من الجنّة، فاحتوى ضحكهم وأطبق حافتيه ليمنع عنهم عيوناً متطفلّة ورياحاً وشيكة، ووقف يراقب المارّة ويداعب الرياح، سعيداً.
احتضنته طفلة صغيرة في أحد الأيام، داعبت قدميه حين اصطدمت به وهي تحبو، ثم لامست يديهِ حين ازدادت طولاً وصخباً، ثم اختبأت وراءه باكيةً حين ازدادت عيناها جمالاً ونضجاً، اسندت ظهرها إلى ظهره فدغدغه شعرها الأسود المجعّد،فاحتضنها هُو، ومنذ ذلك الحين وهو يحمي أسرارها، ويشاركها خيباتها الصغيرة.
حائط ما، منسيّ في أحد زوايا شارع ضيّق، يتوسطه باب عجوز، ويجاوره كرسيّ قديم يشاركه الإنتظار والملل، أعلى الكرسي التصقت ورقة رُسم عليها وجه ما بألوان زرقاء متآكلة، أهلكها الزمان والغبار والمطر، ويدٌ متوترة اقتلعت نصفها السفلي، فلم يبقَ سوى أثر باهت لشئ ما، كان هُنا ذات يوم.. ورَحل.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

:)

This title was intentionally left blank.

صديقي الأزرق الصغير، ألم تتلاشى بعد؟ أخبرني كيف كان نهارُك بعد تلك الليلة المضنية؟ ألا تزال ترفع عينيك إلى السماء و تصرخ بغضب؟ أعرف....