2014-10-09

هذيان كل يوم جمعة الصبح.


إلى أين يمكنني أن أهرب في الثامنة صباحاً؟
كانت ليلة مزعجة، تشبه الكثير من الليالي التي مضت، كنت أتساءل لماذا نستمر في التنفس مادمنا سنرتكب المزيد من الأخطاء في الدقيقة القادمة؟ لم يرضى الله بأن يتركنا نعصيه؟ استُنفِذّت قواي تماماً، لم أعد أريد البقاء كي لا أرتكب المزيد من الذنوب، لم أفعل من الصالحات ما يكفي، لكن لا يهم، يكفي ما فعلت، لكنّي أعرف تماماً أني لست من الصالحين، لن يأخذني ربي إلى جوارِه الآن، وربما لا يزال العالم بحاجة إليّ، تقول أمي "ربنا خلقك عشان تعبديه" فأحاول، وأتعثر، ويبتلعني الظلام دائماً. 

أستيقظ فيتساقط من شعري الياسمين، جمعته أمي لي البارحة حين كنت أبكي ووضعته بجانب رأسي، رائحته هادئة ومطمئنة لكني لم أفهم أبداً لم تفعل ذلك، كنت أحلم، بك، وبهم، وبالجميع، حتّى من لم أرهم منذ أعوامٍ مضت رأيتهم، تحوّل عقلي فجأة إلى غرفة مزدحمة بالوجوهِ والأصوات، كنت أسير وحيدة في طريقٍ مظلم، ممتلئ بالناس، وكنت أرتجف من الخوف، حتى عدت أدراجي إلى حيث قابلت وجوهاً مألوفة رغم أنها تكرهني، واختفى الظلام فجأة، حادث سيارة مروّع، وطريق إلى البيت لم أعد أذكره، وقفت تائهة أتحدث إلى الجميع، وأحرص على أن ألقي السلام، وأتجنب نظراتهم الحادة وحديثهم الجانبي المريب، وأستيقظ دائماً برغبةٍ في الهرب، لكن، إلى أين يمكنني أن أهرب يوم جمعة؟

كان عليّ أن أبقى هناك، ف بيت خالي، لا راحة أجدها هنا، لا ونس، حتى الطعام لم يعد شهياً كما كان هناك، إيمان أخبرتني حين غادرت أنها رأت خالي يوبخها لأنها تركتني أذهب، "خلاص هروح أنا معاها" أنهى حديثه وذهب معي فعلاً، تراه إيمان كثيراً يطمئنني ويربت على كتفي في حنان، هو يعرف أكثر من غيره، ورغم أني لا أجيد الحزن على الموتي، لكنّي أقف أحياناً وسط دارهم وأتذكر، أفتقده كثيراً، ولا أقوى على البكاء. أنا التي تبكي على كلّ شئ آخر.

أعرف كيف أذيب الوجع في القراءة، وكيف أرى دائماً علاماتِ طريقي واضحة،  وأذكّر نفسي بضرورة مواصلةِ القتال، الله يغار على قلوب عباده، تحكي أمي كثيراً عن ابتلاء أيوب ويونس ويوسف، وتحب يعقوب خاصةً لأنه كان يصبر على فراق ولده، ويقول "إنما أشكو بثي وحزني إلى الله" فتهمس بحنان "قولي يارب وصلّي ع النبي مية مرة"، الله لطيفٌ بعباده، ولأننا نجهل ونتعجّل ونعبد الله على حرف، نغضب دائماً، ولا نرضى، ولو علمنا، وصبرنا، وعبدناه حقّ عبادته لرضينا بما كتبه الله لنا، فارضي يا ضحى، ارضي والنبي. 



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

:)

This title was intentionally left blank.

صديقي الأزرق الصغير، ألم تتلاشى بعد؟ أخبرني كيف كان نهارُك بعد تلك الليلة المضنية؟ ألا تزال ترفع عينيك إلى السماء و تصرخ بغضب؟ أعرف....