2013-06-02

You



كانت تلك ليلة هادئة.. أكثر هدوءاً من المعتاد..
بنسماتها الباردة كقلبي.. بأضواءها الخافتة في خجل.. 
كنا نسير في طريق خالٍ إلا من بعض الأشجار التي تطل علينا في فضول من حين لآخر.. بعض الأوراق المتناثرة.. وشخصان أو ثلاثة مروا بجانبنا دون أن ننتبه.. 
كنتَ صامتاً تنظر إلى اللاشئ الممتد أمامك.. تلتقط ملامحي كل دقيقتين لتطمئن عينيك على ابتساماتي.. 
كنتُ أسيرُ بخطاً مهتزة.. أحاول تفادى الأوراق الصغيرة فاقدة الحيلة أمام أقدامنا.. أضحك حين تطير إحداها بعيداً عني في محاولة لإغوائي.. فأنا أعرف أن تلك الوريقات الماكرة تبحث فقط عن اللعب.. وكنتُ في مزاج رائق يسمح لي بمجاراتها..

لا أذكر كم كان الوقت حينها.. فقد كنتُ محملة بالكثير الكثير من السعادة التي شغلتني عن النظر لعقارب ساعتي المزعجة..

أذكرني فقط حين التفَّتُ إليكَ فجأة.. نظرت إليّ مبتسماً في انتظار ما سأقول.. بدأت في تحضير ردودك الساخرة وضحكاتك المشاغبة إن كنت سأحكي لكَ ثانيةً عن نظريتي التي اخترعتها للتو أو أحلامي التي ترسم دائماً أقزاماً وجنيات.. أو حتى عن آخر ما اكتشفت عن الألوان وكيف تتحدث إليّ لساعات حين أقف أمام لوحة..
لكني اكتفيتُ بالصمت.. شردتُ بابتسامةٍ طويلة في خطوط قميصك المتقاطعة.. 

لم يمنعك شرودي عن استخدام ضحكاتك فباغتني بقولك "لو عايزة منه أجيبلك اتنين"
انتبهت إليك.. رأيت ضحكة عينيك وأنت تسخر من شرودي.. صنعت تقضيبة لوجهي ورددت "كنت هقول حاجة مهمة.. خلاص مش هقول"..
 أدرت إليك ظهري وأنا أضحك في عناد وأكملت خطواتي المهتزة متفادية ورقة سقطت للتو..
نظرتَ إلى محاولات غضبي الفاشلة.. تلك التي تصنع مني طفلة مدللة.. وابتسمت.. 
مددت يدك لتلمس بأناملك ظلّ وجودي.. همست بقلبك "لو أن لي طفلةً تُشبهك"
ثم وجمت للحظات حين تذكرتَ أني لا أزال أخجل من عينيك حين تخبرني بحبك.

انتبهت إلى وجومك.. فأظلم العالم كله في لحظة.

ارتسَمَت على وجهي ابتسامةً خائفة فأخبرتك بأن جنياتي لا تحب أن ترى شاباً وسيماً مثلك واجماً..
ابتسمت ونظرت إلى الأعلى ..اعتذرت إلى جنياتي وأقزامي أيضاً.. داعبتك إحداهن بالفعل حينما ادّعيت الأسف بينما ضحكت أخرى لأنك كنت تنظر إلى المكان الخطأ..
فعادت الليلة إلى هدوءها والنسمات البادرة إلى الحركة..

حاولتُ حينها أن أستحضر ما أردت قوله.. ما اختلج بقلبي منذ الأبد ولم أدركه إلا اليوم.. اليوم فقط..
رفعت عيني في مواجهة نجوم عينيك دون محاولة أخرى للهرب.. 
انفرجت شفتاي قليلاً..  ثم توقف الزمن.. وتوقفت تروس عقلي عن العمل..

أدركتَ ما أصابني فحاولت أن تخفف من توتري.. سألتني "بتحبي اسم سلمى؟"
فأجبتك بدون تفكير "آه أكيد.. أنا هسمي بنتي سلمى"
خفق قلبُك في سعادة.. ثم ابتسمت بمكرٍ.. وسألتني: "بتحبيني؟"

انتبه العالم.. 
مالت الأشجار في فضول.. توقفت جنياتي عن الضحك.. وصمت الجميع.. 
وصمتُّ أنا الأخرى..
كانت لحظةُ مثاليةً أخرى.. للهرب..
.
.
.

لكني لم أهرب..
كيف يهربُ من وجدَ وطنه بعد طول غُربة وسفر؟
.
.

هناك 6 تعليقات:

  1. انتي اللي بتخففي عننا هم البابلك والله :)

    ردحذف
  2. Bas b2aa ana keda do5t ♥♥♥♥

    ردحذف
  3. انتى ودتينى دنيا تانيه :) طلعتينى السما بجد حلو اوىى اوى يا ضحى

    ردحذف
  4. يا زيييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييدى :))))))))))))))

    ردحذف

:)

This title was intentionally left blank.

صديقي الأزرق الصغير، ألم تتلاشى بعد؟ أخبرني كيف كان نهارُك بعد تلك الليلة المضنية؟ ألا تزال ترفع عينيك إلى السماء و تصرخ بغضب؟ أعرف....