2019-11-14

This title was intentionally left blank.

صديقي الأزرق الصغير، ألم تتلاشى بعد؟
أخبرني كيف كان نهارُك بعد تلك الليلة المضنية؟ ألا تزال ترفع عينيك إلى السماء و تصرخ بغضب؟

أعرف.

لست بحاجة إلي التوضيح، تصدّعت جدرانك، و تآكلت حوافك، أعرف أنك في لحظة الضعف تلك فقدت السيطرة، كان الألم في تلك اللحظة بالذات شهياً، و مريحاً.
كأن كل شيء في مكانه الصحيح.

لم تتغير كثيراً يا صديقي، رغم ركضك وراء الوقت، و تبدل ملامحك، لا تزال - للمفاجئة - واهناً. تعجز عن اختيار الكلمات، و البوح.

ترهقك الذاكرة و ألاعيبها، تباغتك أحلامك و تستبيح مخاوفك، تستفيق في غفلة من الزمن و تسأل نفسك في ذهول، أين كنت أخبيء كل تلك الأنقاض؟
تتعجب من اتساع قلبك، من قدرته، و لا تشعر بالإمتنان.

أتغضب سراً و تثور؟ انظر، تعود لتهدأ كأن شيئاً لم يكن. تحتضن روحك، و تنغلق.

"وحده الموت يتسع" 
تقول لنفسك كل حين، لكنك تقضم خوفك حين تنقطع أنفاسك رغماً عنك، و تضحك في مواجهة الموت قائلا، كنتُ أمزح، ليس بعد.

هل تختبيء الآن؟ ممن؟ لا أحد يراك عزيزي. لا أحد سواي.






2018-10-13

هو صباح الخير فعلا..

 الثالثة فجراً، أحاول أن أعيد اكتشاف مواقع الحروف بداخلي، شاهدتُ فيلماً غنائياً و دغدغ الشاي الدافىء معدتي، قبلتُك، وجدتُ قدميك الصغيرتين تتسللان من طرف الغشاء الخفيف الذي ينسدل فوقك، فرفعته تماماً عنك، أشعرُ بأمانٍ تام حين أكتُب إليك، لن أُعيد قراءة ما كتبتُ بعد عدة سنوات لتصيبني خيبة أو حزن، لن تفارق أناملك راحة يدي و سأبحث دائماً بحرصٍ عن ابتسامتك، سنظل نطارد الضحك حتى تمل، حتى حين يختفي الحد الفاصل بين الجد و الضحك و تعاودني نوبات القلق، سأحاول بهمة ألا أتركك تغفو رغماً عنك بعد بكاءٍ طويل.
يخيفني فراقك أحياناً، و أعرف أنك تُدرك الأثر الذي يتركه بكاؤك في صوتي و في مداعبتي، خفتُ كثيراً ذات يوم حين احتبست أنفاسك في صدرك، و بكيتَ كثيراً في ألم، ظللتُ أدور بك في أرجاء الغرفة و أنا أهدهدك، مرددة أني هُنا، أنا هنا دائماً، حتى حين يصل بي الإرهاق منتهاه، و أغضب، يرتفع صوتي و أصرخ فيك لتصمت قليلا، فتعرف أني غاضبة منك و تنفجر في بكاءٍ متواصل، كعقاب لي على سوء فهمي، و قلةِ صبري، أحبك كثيراً حينها و قد أضحك، أضحك و أحتضنك و أقبل دموعك في أسف، لن تتذكر كل ذلك، ستكبر فقط و أنت تعرف عني ضيق الصدر و شدة القلق، رغم محاولاتي المستمرة لترك شيئاً جميلاً في نفسك.

لا يحق لي أن أتذمر على كل حال، رغبتُ في وجودك بشدة و ظللتُ أترقبه، أحبك كهدية لا أرى في نفسي ما يجعلني أهلاً لها، أبدو صغيرة كطفلة و أنا أداعبك، و تنفرج أساريري و ينفتح قلبي على مصراعيه كلما انفتح فمك في ضحك، ظللت اليوم أراقبك وأنت ترفع قدميك و تكتشف في دهشة، سياراتُ صغيرة ملوّنة تظهر أمام عينيك كلما تحركت، تمد يدك و تحاول امساكها فتفر منك لأنك دون وعي تضع حينها قدميك على الأرض، أحب اكتشاف العالم معك، يبدو صاخباً لأنك تلتفت فجأة لأصواتٍ تدنو منك، يخيفك قربها أحياناً، و تستكين إلى ما تعرفُ منها، و يبدو مزدحماً و كبيراً لا تتسع له حدقة عينك، تحرك رأسك دائماً محاولاً التقاط كل المشاهد التي أمامك، تشعر بالتيه حتى أقترب منك لألتقط عينيك و أعيدُك سالماً إليّ، تراني فتهدأ، و تبتسم.
يمكنني أن أجلس قبالتك لساعات، فقط أشاهد حركة أجفانك، يبدو ذلك فعلاً رتيباً جداً، و لا أخفيك سراً، يبدو الاهتمام بك كروتين ممل، و قد تقع عقارب الساعة من وجه الزمن، و كالأرق الذي يصيبني الآن بينما أنت تنام في سلام، أعجز عن أن أكون أنا كما أنا، تتغير ملامحي باستمرار، و تفقد يدي صلابتها كل حين، و يتساقط عمري وريقة وريقة من صحيفة الحائط، رغم ذلك، لا يحق لي أن أتذمر، يكفي أنك ستفتح عينيك غداً و تضحك حين أقول لك في صوتٍ طفولي "صباح الخير".



2015-03-25

كل حاجة؟

صديقي العابس منذ الصباح، كلّ حاجة بتعدّي. هكذا قالت بشبه ابتسامة بعد أن أنهت وصفها لليلة سيئة.
تذكرتُ ذلك اليوم وأنا أبكي بهستيريا، أغمض عيني وأنتحب بصوت عال، تجلس أمي أمامي فاقدة الحيلة، محاولة أن تخفف ألمي، تعرف أن طبيب الأسنان كان أحمقاً وتعرف أني أتألم، لكنها لم ترَ ذلك الذي كاد يتهاوى من الجزع بداخلي، ولم تعرف السبب.
شعرت للحظة يا صديقي أن البكاء لن يتوقف أبداً، ورويداً رويداً بدأ ذلك السكون يتسلل إلي، أجبرت نفسي على الهدوء، وصنعت بمهارة قشرة سميكة من الثلج أتت على كل ما كان يشتعل منذ قليل، وأخمدته، بتلك البساطة.
أغمضت عيني المحترقة، حاولتُ ضبط أنفاسي المتلاحقة، تذكرتُ منذ ثلاث سنوات حين كان بكائي يتسبب في أنفاس متسارعة ومتتالية، يتبعها خدر وتنميل في فمي وأنفي، ونصف ذراعاي، تظهر نقاط سوداء في عيني وأكاد أسقط، منحني الطب تفسيراً منطقياً لكل ذلك، تذكرتُ وأشفقت على أمي أن ترني في تلك الحالة مرة أخرى، فهدأت.
كلّ حاجة بتعدي، رددتُ حين كانت أمي تقبل رأسي وتعتذر عن كل ما حدث، وتطلب مني مراراً أن أضعه على صدرها، أن أتركه بين يديها، أن أدع كل التفاصيل التي أزعجتني اليوم بداخلها لتبددها هي عني، أكرهني كلّ يوم لأني لستُ بالقوة الكافية التي تجعلني أتماسك أمامها، وأبكي بصمت، دون أن تعرف، دون أن أضطر لسماعها وهي تقول "قلبي ينفطر" لأجلي.
أعرف أن أمي قوية، توفيت جدتي وهي في الإعدادية، وتزوجت أكبر أخواتها مبكراً، فتكفلت هي بأعمال المنزل والعناية بخالي الأصغر، تزوج جدي من أخرى، ولم يكن يهتم سوى بأعمال الفلاحة وصلاة الفجر حاضراً في مسجد قريب، بينما اضطرت هي للتعامل مع زوجة أبٍ قاسية وأعباء حياةٍ لم تطلبها، قُدمت إليها باكراً.
ظلت وحيدة، حتى بعد تخرجها، وأثناء عملها في مصر كما كانوا يطلقون على القاهرة قديماً، كانت تخبرني ذات يومٍ بأنها حين كانت تشعر بالحزن كان تشتري شيئاً جميلاً لها، أي شئ، وتعود سعيدة، تذكرتني وأنا أشتري أصيصات الزهور والأقلام والورق الملوّن في كلّ مرة شعرت بثقل الحياة فوق كاهلي، وعرفتُ من أين أتت تلك المحاولات، لكنّي لم أنل منها نصف قوتها، ولا صفاء عينيها الصغيرتين.
تزوجَت أبي، لا أعرف كيف، وتشعر بالخجل حين تذكر التفاصيل، لكنّي كنت أعبث ذات يومٍ بصندوق شرائط تسجيلٍ قديمة، ووجدتُ واحداً كُتب عليه :"إلى زوجتي الحبيبة"، سألتها عنه، فاحمر وجهها وأخذته، ولم تتركه لأحد كي يسمعه، في صندوق الصور القديمة أيضاً، أجد أبي وهو يحملها وسط حقل واسع، وهي تضحك بشده، وبخجل، وأخرى في اليوم نفسه وهي تجلس على جذعٍ لشجرة قديمة وأبي يجلس قبالتها، كانوا سعداء هُنا، رغم ما تبع تلك الأيام من مشقة وعناء.
أمي حين تراني أبكي، تطلب مني أن أكون قوية مثلها، أعرف أني هشة، لستُ أمتلك تلك الشجاعة التي تجعل امرأة وحيدة مثلها تسلك درباً يخصها، وتعبر كل ما كان يقابلها من عقبات دون أن تبكي، كانت صلبة، ولا تزال، لم أرها تبكِ إلا في مراتٍ أذكرها بالتحديد، لا تتجاوز الأصابع، حين توفي جدّي، وجدتي، حين كنتُ مريضةً، وحين غاب أخي عن المنزل ليلةً واحدة، وحين أبكي دون أن تفلح محاولاتها للتهدئة.
عدا ذلك، تصمت، وتترك الأمور لتأخذ وقتها كما تحب، فهي تعرف أن كلّ حاجة بتعدي.
كل حاجة بتعدي يا صديقي، كل حاجة بتعدي يا ضحى.


2015-02-19

مِنبِسِط

ليسَ من العدلِ أن أكتب فقط حين أكون حزينة. أليس كذلك؟

صديقي المندثر تحت غطاءٍ ثقيل، كيفَ حالك اليوم؟ أعرف أنك مِنبِسِط، قضينا الأسبوع الماضي في التحضير لليوم وساعدتني كثيراً كعادتك في اللحظات الأخيرة، انتظرتُ حتى العاشرة مساءاً كي أخرج تلك الأوراق، والقصاصات اللامعة، والألوان كلها، وأنثرها حولي في محاولة لصنع سبب للسعادة يكفي كختامٍ مناسبٍ لأسبوعٍ فوضويّ كهذا، تلكأنا كثيراً لكنّي سعيدة لأنك نهضت رغم ضعفك، وبذلت من الطاقةِ ما يكفي لمنح بهجة دون مقابل. 
أحياناً أحب أن أتخيل أن طاقاتنا المبذولة في سبيلٍ ما من سبل السعادة تتحوّل إلى طائراتٍ ورقية، ملوّنة وكثيرة، تطير كلها إلى مدينة بعيدة لا يعرف أهلها الطيران، ولا يسكنها سوى الأطفال، الأيتام والمشردون وفاقدي الونس والأحلام، تحملهم تلك الطائرات الورقية لتجوب بهم عالماً لا نراه. أحب أن أفكر أننا بشكلٍ أو بآخر نصنع فارقاً ما، نكتب اسماءنا بعبثية فوق لوح لا يندثر مهما تعاقب الزمان، أنا ممتنة لأحمد الفاتح أيضاً لأنه أنقذني من صحراءِ عقلي، ولأنه يحكي لي كلّ يومٍ حدوتة جديدة.  

صديقي المحمّل بالكثيرِ من الخيبة، لن أدّعي أني أعرف الطريق، ولن أمد لك يداً ترتعش أناملها دون أن يلحظ أحد، أنا لا أجيد السباحة وسفن إنقاذي كلها محطمة، كما أني سأقضي نصف الوقت في تخيل ما يمكن أن يحدث لو ابتلعنا البحر وأنقذتنا الحوريات وقررنا البقاء بالأسفل حيث الأصداف والمرجان ينجح في إخفاء ثقوب روحنا الهشّة، سأوقظ بداخلك رغبة قديمة في الغرق، وقد لا يصلح غنائي حينها في صنع مراكب قوية، ستجد المياه دائماً طريقها للتسلل إلى أقدامك من لثغة تتكرر في الأغنية، لثغة ممضة لا يمكنني أبداً إصلاحها، لكني سأحاول لأجلك، وسأظل أرفع الدعوات إلى السماء كي تتخفف من أحمالك وترقص، ربما ينقذنا الرقص سوياً من الوقوع مرة أخرى في خيبة التساؤلات، و وجع الأحلام غير المكتملة. 
صديقي المرتكز على رئةِ مستهلكة، تتنفخ بهواء بارد ورذاذِ مطرٍ صباحيّ، الخافق بانتظامٍ، الممتليء بين الحين والآخر، والفارغ باستمرار، ألم يحن الوقتُ بعد، كي تسكُن؟


2015-02-16

غريبيْن..

أردتُ أن أحكي لك، عن الولد الذي صار أغنية مبهجة تليق بحضور الجنيات إلى العالم.
صديقي الذي بداخلي، كيف حالُك اليوم؟ لستَ بخير أعرف، أدركتُ ذلك حين هاجمنا البكاء في منتصف الشارع، ووقعنا في حب غريبٍ شارد، وعجوز يجلس في مواجهة الشمس على الرصيف، أُدرك كلّ يومٍ أكثر وكنتُ أظن أن الحكي سيشفينا سوياً، لكنّه صارَ مُثقلِاً، كعادة كل شيء هذه الأيام.
تركتُ شجرة التفاح للعطب، وتركتُك للموت ببطء.
الآن أحاول أن أكتب، أخرج الكلمات بصعوبة صدقني، لكني سأكتب رغم ذلك، كنتُ أجلس بجوارها اليوم وأحكي، لا أعرف متى بالتحديد فقدت القدرة على التماسك هكذا، شعرت بسخونة جسدي كما كان يحدث معه، كأن الكلمات سوط ساخن يضربني بعنف، رغم أني كنت أحكي دون خوف، أمضيتُ الساعة التالية أطرد ارتباك معدتي وبكاءاً كان سيكسب اللعبة في النهاية، شعرت بأن يداً تعتصر قلبي وتسحبه إلى الأسفل، وبأن كلّ ما أريده من هذا العالم الآن أن يحتضنني أحد بشدة ويتركني أبكي بصوتٍ عالٍ.
لم نبكِ. لأننا في مدينةٍ بلا أسرار، أو طرق جانبيةٍ صالحةٍ للبكاء، خاليةٍ، وآمنة.
صديقي، الذي لا أعرف متى يربت على كتفي، أو أضمه أنا في وِد حقيقيّ، لمَ كان علينا أن نفقد الأمل؟ أن نظل طيلة تلك الأيام الغائمة نختبئ تحت أغطية السرير، وسط مشاهد السينما المُعادة، والغناء الرتيب؟ لم تركتني هكذا دون أن تصرخ فيّ أن أفيقي؟ حاولتُ كثيراً ولا شيء يصلح لإعادة البهجة، لا شيء يصلح، فقدنا الأمل واستسلمنا لنومِ مُكتئب وفتورِ حياةٍ فقدت معناها، لفتورِ حياةٍ فقدتنا.
أنا آسفة حقاً أيها الصديق, 
كنت أريد أن أقول لكَ في النهاية أني لستُ سعيدة، لم أكن لوقتٍ طويل وأعرف تماماً أني كنت أتماسك بكل الطرق، كان البكاء حلاً يسيراً، أستدعي حزني فترد غددي الدمعية ببكاء يكفي لإبقائي على قيد التماسك حتى موعد النوبة التالية، وكنتُ أكتُب، فأظن أني أفرغ ما يؤرقني حتى أمتلء فأكتُب ثانية وهكذا، وكنتُ أضحك وسط ضحك الأصدقاء فأعصر قلبي الفارغ وأنفض عن وجهي الكآبة حتى تنفد ضحكاتي تدريجياً، لكني دعوتُ الله كثيراً ألا أبكي ثانيةً هكذا ولم أعد أبكي، وتوقفت عن الكتابة لأنها صارت تؤذي من يقرؤها دون وعي مني، أو منه، وبقي ضحك الأصدقاء وحده، حتى انفضوا عني واحداً بعد الآخر خوفاً على ضحكاتهم من وجهي العابس.
أنا فقط أردت أن أعتذر، آسفة حقاً لكل ذلك الضجيج الذي صنعته لك، كنت مخطئة أكثر من مرّة وتسبب ذلك بفقدانك الثقة فيّ تماماً، وفي تداعي ذلك الصمت المحبب بيننا إلى صمتٍ بارد، ونفور. أعرف أنك على الأرجح تظنني بالغباء الكافي لأتخلى عن كل ما أعطيتَ لي، ورفضته أنا مراراً، وربما تشعر بوخزة في القلب كلما مرّ اسمي أمامك، ولا أمتلك الشجاعة ولا المنطق الكافي لأردد أنه القدر وحده، لم يكن القدر السيد المطلق أبداً، ربما تكرهني الآن أيضاً، لكنّي أردتُ أن أقول لك في النهاية أني لم أقصد أياً من ذلك، أنا فقط لستُ سعيدة، ولهذا ربما كنتُ أجلب الشقاء لكل ما اقترب مني، ولذلك أيضاً، أغلقتُ أبوابي واختبأتُ خلفها.

لم تفلح محاولات الهرب، ولا زيارات الطبيبِ النفسي، عُدنا للمواجهةِ، أنا وأنت، عدنا للمحاولات وتلمس طُرق الحياة، منحتنا الأقدار وقتاً كافياً للراحة، أعرف أنك لا تقوَ على الحركة، لكنّي اشتريت اليوم أوراقاً ملوّنة، الآن نحن بحاجةٍ إلى صوتٍ دافيء يستمر في الحكي لساعات.. حتى نغفو.

2014-11-05

you've got cold.


في صوت متسرسب من اللاب بيغني، بيغني بعذوبة ورقة معرفش امتلكها الصوت ده كده ازاي، الساعة واحدة، غالباً باجي الوقت ده، الوقت ده بالذات وأحس بوحدة وإني محتاجة أتكلم مع حد، ودايماً كل البيت بيكون نايم، ومفيش كلية تنزل تشوف فيها بني آدمين دلوقتي، مبقيتش بشوف الزرع بتاعي كتير، مبقيتش بصحى الصبح أصلاً، وقريب هيتطلعلي جلد أسود وجناحات مكسرة وأبقى وطواط ليلي، وطواط ليلي قصير مبيعرفش يطير وبيفضل قاعد ف مكانه هنا.
مينفعش تقاوم الحنين، ساعات يعني بيشفطك فجأة، أنا معرفتش أقاومه وطلعت الكتاب وصورت أول صفحة، معرفش ليه، ما الكتاب معايا وهيفضل معايا ومش هيطلعله رجلين فجأة ويمشي عشان أصوره، وليه أول صفحة بس يعني؟ هاه؟ مفيش منطق ابداً للي بيحصل ده، أبدا. مش مشكلة، أهو هبل وهيروح لحاله، وبعدين اتشفطت تاني ف الحفرة ذات نفسها، هي هياها بس ف حتة تانية، لما فتحت حاجات قديمة بقالها سنين محدش قربلها وقريت، بس المرة دي قاومت وقفلت على طول، مش على طول أوي يعني قريت أكتر حاجات كنت بحبها ومشيت، وبرده قاومت لحد ما ابتعلني تماماً بقى امبارح وأنا بفتكر الحلم اللي حلمته وكان في حد ماسك إيدي ولما صحيت من النوم حسيت بمكان صوابعه بارد ولسة سايب أثر، وبعدين افتكرت الحلم اللي محكيتوش لحد وكان قاعد جنبي وجبلي بونبوني وحلويات كتير أوي، والتاني اللي كان مستنيني تحت وكل شوية يبص لفوق يشوفني موجودة وشايفاه ولا لأ، الإحساس نفسه بيتكرر، الروح نفسها كلّ مرة بحلم مختلف، افتكرت كل ده امبارح وكنت عاوزة أروح أقوله إني عارفة، بس مقولتش حاجة، وكملت سكات وعملت نفسي انشغلت.

ماما النهاردة قالتلي "قشطة" وهي بتضحك، قولتلها ايه قشطة دي، قالتلي زي ما بتقوليها خلاص قشطة، انا نمت لحد المغرب، وصحيت مش شايفة قدامي وبخبط ف كل حاجة وبقع لوحدي، وحاسة إن العالم بيجري وأنا مش لاحقاه، حرفياً مش لاحقاه، مع إني موراييش حاجة أعملها غير شوية مذاكرة هيخلصوا عاجلاً أم آجلاً، موراييش حاجة تخليني خايفة كده.

ممكن دلوقتي أبطل تفكير وأروح أنام مثلاً، أو أقرأ، أو أتفرج على فيلم، او على حلقة لهاوس، أو أرسم، أو أعلق حاجة زيادة ع الحيطة، أو أغني لناس بحبهم، أو أذاكر، أو اعمل أي حاجة تانية غير إني أفضل مستنية حد إيده دافيه يمسك بيها إيدي اللي بترتعش من كتر البرد دي. 

2014-10-25

أي كلام بيتقال.


أنا كنت عاوزة حد أدخل أقوله الكلمتين دول وأمشي، بس محدش فاضي. 

من امبارح الصبح، وأنا متكلمتش مع حد، ماما لما تدخل تسألني مش عاوزة حاجة؟ طب خلصتي؟ وتقولي ربنا يعينك وتمشي، اخواتي بيعدّوا من على الباب يسلموا وكل واحد يشوف وراه إيه، المكتب مترتب بنفس الطريقة بقاله تلات أشهر أو أكتر، بقعد  قدام الحيطة البرتقاني طول اليوم، وشي للحيطة فعلياً، مش مكتئبة والله، ومش هقول أنا عيطت امتى ولا كل الكلام الفاضي ده، خلاص قررت أبقى كبيرة وناضجة كفاية إني محكيش كلام عبيط زي ده تاني. 
بنام كتير، وبقيت بصحى للصبح، وعارفة إن يوم الإمتحان هروح مطبقّة ومش شايفة قدامي، وقررت على فكرة أحل بدماغي، عشان طول مانا حاطة إجبار إني أحفظ بالنص مش هبص ف الكتاب، والدليل إني خلصت فهم الكتاب بيتكلم عن إيه ومحفظتش حاجة لسة، ومن الصبح بحاول أحفظ وأرتب المعلومات ومقعدتش من ساعة ما صحيت ساعتين على بعض. 
"من صغري وعمري ما بنسى مكان"
ماما قالتلي لمي الياسمين من ع الأرض وخديه عندك، البلكونة فيها هوا وبرد بيخفف كتير عن الواحد بس مش عارفة أقعد فيها لوحدي، عشان الضلمة والفضا اللي حوالينا، وعشان بخاف، قريت نص كتاب وبقعد أقرأ وأنسى الوقت رغم إنه مش وقته، بحاول أتغلب على ملل الأطفال بقراية متخلينيش أزهق وأفضل قاعدة مكاني لحد ما أوصل لرقم قياسي في السكون، وأثبت إن الأجساد الساكنة تماماً تتصادم في صمت، وأطلّع كلام عميق يقراه ناس كتير ويحبوني فحت وكده.
بس الحقيقة مش كده، الحقيقة إن أكبر أزماتي حالياً إني ألاقي حد ف وشي أحكيله قد إيه أنا زهقانة عشان مش عارفة ألبس تقيل ولا أخليني مصيّفة، عشان لما ببقى مصيفة ببقى سقعانة، ولو لبست حاجة فوقيها ببقى حرّانة، فعلاً الموضوع مزعج جداً، بجانب ان النضارة بهوقت عليا أول أوف أ سادين، وبقت بتقع من على وشي مجرد ما أبص للكتاب، وبضطر أثبتها بطوق ف شعري، والطوق بيتعبني على آخر اليوم وبحتاج أشيله، وبضطر أقعد أذاكر من غير نضارة، وأنا أصلاً عندي طول نظر، يعني مابشوفش القريب، سي هاو سيريوس مي بروبليمز آر؟
كنت عاوزة شيبسي بالخل لقيت أخويا جايبلي بالملح بس، وأنا أصلاً مبحبوش، وسناني وجعاني من قبل ما أبدأ امتحانات وفي سنة بتشاور عقلها تبقى عصب وهتطلع عين اللي جايبيني، بس انا أصلاً مش قادرة آكل على الناحية التانية عشان بتوجعني جداً، وممكن أخلص أكل بس عشان مش عارفة آكل على أنهي ناحية، ممكن ف ثانية على فكرة أحولك موضوع سناني ده لحاجة عميقة فحت وهي إن الدنيا كده، ناحية واجعاك والتانية مش مريحاك، ولا انت عارف تنبسط هنا ولا ترتاح هناك، ف بتفضل واقف في تلك المنطقة اللي ف النص ولا انت محصل كده ولا كده، بس لايف كيبس موفينج أون آيني واي.
جبت حاجات كتير عشان الأجازة، هنقضيها لعب وخمر ونساء والحاجات الحلوة دي، فكرت إزاي هلوّن الأوضة -بقالي سنة بقول هلوّنها_ وأخيراً هاخد الخطوة دي، هتعلم الطبيخ، هسافر اسكندرية أشوف سمر ونهير وأدخل مكتبة اسكندرية وأرمي ورقة ف البحر مش عارفة هكتب فيها إيه لسّة، هذل إيمان عشان هتبقى بتذاكر لسة ويمكن كمان بتمتحن، هنزل الكلية أشوف العيال، أكمل بروجيكت ولو لمرّة واحدة ف حياتي، وأخيراً أقعد قعدة صفا مع نفسي وحياتي ومذكراتي وهفواتي وسقطاتي وأقلامي وكل البول شيت ده وأقرر أنا عايزة أبقى دكتورة ولا لأ. ولو معملتش حاجة من دول وطلعت بالقرار الأخراني ده هيبقى أنجاز كبير جداً بالنسبة لي. آي والله.
أنا فعلياً مش قادرة أذاكر، ومجرد التفكير في العواقب الوخيمة للقعدة دي مرهق نفسياً وجسدياً، أمي لما بقولها إني زهقانة عشان لوحدي تقولي معلش، أنا فعلاً كنت عاوزة حد أرميله كل الكلام ده مرّة واحدة وكلام تاني كتير مستخبي بس للأسف، محدش فاضي.

أنا كمان المفروض مبقاش فاضية. المفروض يعني.

This title was intentionally left blank.

صديقي الأزرق الصغير، ألم تتلاشى بعد؟ أخبرني كيف كان نهارُك بعد تلك الليلة المضنية؟ ألا تزال ترفع عينيك إلى السماء و تصرخ بغضب؟ أعرف....