2018-10-13

هو صباح الخير فعلا..

 الثالثة فجراً، أحاول أن أعيد اكتشاف مواقع الحروف بداخلي، شاهدتُ فيلماً غنائياً و دغدغ الشاي الدافىء معدتي، قبلتُك، وجدتُ قدميك الصغيرتين تتسللان من طرف الغشاء الخفيف الذي ينسدل فوقك، فرفعته تماماً عنك، أشعرُ بأمانٍ تام حين أكتُب إليك، لن أُعيد قراءة ما كتبتُ بعد عدة سنوات لتصيبني خيبة أو حزن، لن تفارق أناملك راحة يدي و سأبحث دائماً بحرصٍ عن ابتسامتك، سنظل نطارد الضحك حتى تمل، حتى حين يختفي الحد الفاصل بين الجد و الضحك و تعاودني نوبات القلق، سأحاول بهمة ألا أتركك تغفو رغماً عنك بعد بكاءٍ طويل.
يخيفني فراقك أحياناً، و أعرف أنك تُدرك الأثر الذي يتركه بكاؤك في صوتي و في مداعبتي، خفتُ كثيراً ذات يوم حين احتبست أنفاسك في صدرك، و بكيتَ كثيراً في ألم، ظللتُ أدور بك في أرجاء الغرفة و أنا أهدهدك، مرددة أني هُنا، أنا هنا دائماً، حتى حين يصل بي الإرهاق منتهاه، و أغضب، يرتفع صوتي و أصرخ فيك لتصمت قليلا، فتعرف أني غاضبة منك و تنفجر في بكاءٍ متواصل، كعقاب لي على سوء فهمي، و قلةِ صبري، أحبك كثيراً حينها و قد أضحك، أضحك و أحتضنك و أقبل دموعك في أسف، لن تتذكر كل ذلك، ستكبر فقط و أنت تعرف عني ضيق الصدر و شدة القلق، رغم محاولاتي المستمرة لترك شيئاً جميلاً في نفسك.

لا يحق لي أن أتذمر على كل حال، رغبتُ في وجودك بشدة و ظللتُ أترقبه، أحبك كهدية لا أرى في نفسي ما يجعلني أهلاً لها، أبدو صغيرة كطفلة و أنا أداعبك، و تنفرج أساريري و ينفتح قلبي على مصراعيه كلما انفتح فمك في ضحك، ظللت اليوم أراقبك وأنت ترفع قدميك و تكتشف في دهشة، سياراتُ صغيرة ملوّنة تظهر أمام عينيك كلما تحركت، تمد يدك و تحاول امساكها فتفر منك لأنك دون وعي تضع حينها قدميك على الأرض، أحب اكتشاف العالم معك، يبدو صاخباً لأنك تلتفت فجأة لأصواتٍ تدنو منك، يخيفك قربها أحياناً، و تستكين إلى ما تعرفُ منها، و يبدو مزدحماً و كبيراً لا تتسع له حدقة عينك، تحرك رأسك دائماً محاولاً التقاط كل المشاهد التي أمامك، تشعر بالتيه حتى أقترب منك لألتقط عينيك و أعيدُك سالماً إليّ، تراني فتهدأ، و تبتسم.
يمكنني أن أجلس قبالتك لساعات، فقط أشاهد حركة أجفانك، يبدو ذلك فعلاً رتيباً جداً، و لا أخفيك سراً، يبدو الاهتمام بك كروتين ممل، و قد تقع عقارب الساعة من وجه الزمن، و كالأرق الذي يصيبني الآن بينما أنت تنام في سلام، أعجز عن أن أكون أنا كما أنا، تتغير ملامحي باستمرار، و تفقد يدي صلابتها كل حين، و يتساقط عمري وريقة وريقة من صحيفة الحائط، رغم ذلك، لا يحق لي أن أتذمر، يكفي أنك ستفتح عينيك غداً و تضحك حين أقول لك في صوتٍ طفولي "صباح الخير".



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

:)

This title was intentionally left blank.

صديقي الأزرق الصغير، ألم تتلاشى بعد؟ أخبرني كيف كان نهارُك بعد تلك الليلة المضنية؟ ألا تزال ترفع عينيك إلى السماء و تصرخ بغضب؟ أعرف....